11 سبتمبر 2025
تسجيلبصراحة صرت "أستعر" من كوني أعمل في مجال الإعلام المرئي، بسبب تكاثر الذباب في الوسط الإعلامي، والذباب لا يتكاثر إلا حيث تتوفر القاذورات، ومعظم أجهزة إعلامنا العربية صارت مقالب قمامة ينهل منها أشخاص تافهون وسطحيون وبلهاء وأغبياء، ثم يوزعون علينا فتافيت النفايات ويزعمون أنهم يرفهون عنا، ومن المحزن أن أولئك حولوا شهر رمضان من كل عام إلى موسم يتقيؤون فيه على وجوهنا، بينما بعضنا يجلس أمامهم بكل بلاهة، ويطلب المزيد، ويشهد الله أنني لا أحب رزان مغربي ولا أحب من يحبها، ولكنها ومقارنة بالتافهين الذين يحلون محل الشياطين في رمضان، تعتبر مثالاً للرزانة والوقار! وبودي لو أعرف لماذا يربطون بين شهر الصوم والمسابقات السخيفة التي تتعلق أسئلتها بعدد فقرات عنق الزرافة، وكم ضرس عقل في فك نجوى كرم. في رمضان الماضي كان هناك رجل وامرأة كل منهما أعبط من الآخر، يتجولان بكاميرا، ويستوقفان الناس في الشارع ويطرحان عليهم ذلك النوع من الأسئلة، وحاصرا رجلاً وسألاه عن شيء كان يفصل المانيا الشرقية والغربية قبل أن تتحدا في مطلع تسعينيات القرن الماضي، فرد الرجل بأنه لم يكن يفصل بين البلدين سوى الحدود العادية الموجودة بين جميع الدول المتجاورة، ولكن العبيط والبلهاء التي كانت معه ظلا يلحان على الرجل كي يقول إن ما كان يفصل بين المانيا الشرقية والغربية كان جدارا ضخما، وما لم يكن يعرفه مقدما ذلك البرنامج الركيك هو أن السور أو الجدار الذي كانا يحسبان أنه يفصل بين الألمانيتين لم يكن موجودا إلا في مخيلتهما، لأن السور الذي كانا يتحدثان عنه كان يقسم فقط مدينة برلين إلى قسمين، وليس مثل جدار شارون الذي حوّل ما تبقى من الأراضي الفلسطينية إلى سجن كبير يحيط به الحراس اليهود من كل جانب! في إذاعة ام بي سي على موجة الأف أم طرح المذيع خلال دورة برامجية سابقة سؤالا على مستمع: في أي مدينة يقام مهرجان أبها السياحي؟ فأجاب المستمع العبقري "في الرياض"، وسأل المذيع مستمعة عن المدينة "العربية" التي دمرها المغول فقالت: موسكو. وفي مسابقة رمضانية سأل مذيع تلفزيوني أهبل أحد الحاضرين في الاستوديو: في أي مدينة أوروبية توجد إذاعة هنا لندن بي بي سي؟ فأجاب أبو جهل: مونت كارلو، وظل المذيع يجتهد لمساعدة ذلك الغبي ويردد: يا عزيزي هنا لندن في أي مدينة؟ هنا لندن؟ والحمار يقول تارة القاهرة وتارة بومبي! ولكن المذيع كان حريصا على أن يعطي المشارك جائزة بأي وسيلة فسأله: ما هي عاصمة بريطانيا فأجاب: لندن! هنا صاح المذيع الأبله: "صاااااااااااح.. لك جائزة"، وأعطاه أدوات كهربائية تبلغ قيمتها نحو 500 دولار! أذكر أن تجتوج الدبدوب (السوداني) كان يقدم فقرات ترفيهية في ساحة ألعاب في عمان في ذات صيف، وكان يطلب من الصغار أداء بعض الحركات والمشاركة في بعض السباقات، وجاء دور تسجيل أهداف في حلقة كرة سلة، واشترك ولدي الصغير فيها ولم يسجل هدفا، ولكن، ولأن الجنس على الجنس رحمة، فقد زور تجتوج النتيجة وقدم لولدي الجائزة الأولى وهو يقول له بكل جرأة: يا سلام عليك يا اسمريكا يا بتاع الفول والويكة! فكما في البرامج الرمضانية كانت لدى تجتوج جوائز بالهبل وكان يدرك أن من تبرعوا بها يريدون لها الرواج فلم ير بأساً في منحها لولدي الفاشل في كرة السلة! أعود إلى موضوع الإعلام فأقول مجدداً إنني أخجل من أن تجمعني مهنة بأولئك الجهلة الذين يلوثون عقولنا الملوثة أصلاً بترهاتهم وبرامجهم الفجة، ثم تصدر مجلات أكتب فيها بانتظام، وتضع صور مذيعات ومطربين ومطربات وممثلين وممثلات على أغلفتها وتتجاهلني، ولم تحاورني أي من تلك المجلات ولا مرة واحدة لتعرف من الحلاق الذي أقص شعري عنده، وأكلاتي المفضلة، ولوني المفضل، وما إلى ذلك من معلومات مهمة تسهم في تعزيز الوحدة العربية التي ستتحقق في المشمش! [email protected]