18 سبتمبر 2025
تسجيلقلت لصاحبي إن العام المقبل (2018)، سيشهد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، فقال لي ما معناه: ما لنا نحن والألعاب الشتوية، ونحن نعيش في منطقة حتى الثلج الذي تنتجه الثلاجات "ساخن"؟ فقلت له اسم الله عليك وعلينا، يعني فقط نهتم بالأولمبياد الصيفي باعتبار أن معظم شهور السنة عندنا "صيف"؟ وأضفت إن علاقتنا بجميع ألعاب الأولمبياد كعلاقة الشاعر العجوز بالنساء الفاتنات: إني أمرؤٌ مولع بالحسن أتبعه / لا حظّ لي منه إلا لذة النظر شخصيا أحرص على متابعة الألعاب الأولمبية، وأفعل ذلك متناسيا وجود شيء اسمه العالم العربي، ولا يتطلب ذلك كثير جهد، لأنك لا تلمس أي حضور عربي في المنافسات الرياضية الدولية، وهناك اليوم فرحة عارمة لوصول أربعة فرق عربية لنهائيات كأس العالم لكرة القدم، ولست بحاجة إلى كاهن أو عرّاف لأقول إنها ستخرج من البطولة بسرعة الضوء. السباح الأمريكي مايكل فليبس وحده أحرز في آخر جولة أولمبية ميداليات ذهبية، أكثر مما جمعته كل الدول العربية من هذا الصنف من الميداليات منذ ضياع الأندلس، فيا عزيزي لا توجع رأسك وقلبك بنجاحات العرب في بكين أو برلين، في ماذا فلحنا ونجحنا كي نحلم بفوز في منافسات دولية؟ وكما أن جميع العرب جعلوا منتخب البرازيل لكرة القدم «فريقا وطنيا» يشجعونه، ويرقصون إذا فاز ويحزنون إذا خسر، فعليهم وبحكم الانتماء إلى العالم التاسع، ان يتعاطفوا مع دول غلبانة مثل كينيا وأثيوبيا التي يحصد لاعبوها - الذين يعانون من سوء التغذية - الذهب في رياضات لا تتطلب سوى ارتداء حذاء، فلماذا لا نركز على "الجري" على أمل الفوز فيه في دورة الألعاب الأولمبية في مقديشو عام 3018. هل يتطلب إعداد فريق للاشتراك في سباقات الجري أكثر من الذهاب الى أي قرية واختيار ستة من شبابها وتزويد كل منهم بزوجين من الأحذية وتدريبهم على الجري، نظير مكافأة لا تزيد على 500 دولار شهريا؟ أشهر عداء مسافات طويلة (ماراثون) في التاريخ كان الأثيوبي أبيبي بيكيلا، وفاز بالذهب أكثر من مرة، رغم أنه كان يجري حافيا. سألوه: ولماذا لا ترتدي حذاء؟ أجاب: لست معتادا على ارتدائه، ولم يكن أهلي قادرين قط على توفير حذاء لي، ومن ثم فإنني لا أستطيع السير لأكثر من خطوتين بالحذاء، دون ان أفقد توازني! كاتب في صحيفة ذا تايمز اللندنية لفت انتباهي إلى أن الألعاب الأولمبية – في معظمها - مفصلة على مقاس الأثرياء، فنحو 60% من البريطانيين الذين فازوا بميداليات في دورات أولمبية متعاقبة كانوا من خريجي المدارس الخاصة. وبما أن 7% فقط من الطلاب في بريطانيا يتلقون العلم في مدارس خاصة، فمعنى هذا أن الـ93% الذين يدرسون في مدارس حكومية، لا حَظَّ كبيرا لهم في الاشتراك في مثل تلك الألعاب. لنأخذ مثالا أوضح على مستوى العالم كله: الهند بها نحو خُمس سكان العالم، ومع هذا كان نصيبها في آخر دورة ميدالية واحدة من بين 826، ولم تكن ذهبية. والمنافسات التي تحتاج إلى فلوس مثل سباقات القوارب (حيث سعر أرخص قارب لا يقل عن 45 ألف دولار)، والفروسية يخصصون لها 186 ميدالية أولمبية، بينما كرة القدم مخصص لها ذهبية واحدة، وسباقات الجري المعدودة التي يتفوق فيها الأفارقة الغلابة لكل منها ذهبية واحدة. في دورة بكين (2008)، فازت بريطانيا بأكبر نصيب من الجوائز في تاريخها. والسر: شركة المراهنات (اللوتري) ضخت أموالا بمئات الملايين لإعداد الفرق الأولمبية. وأقول مرة أخرى إنه لو خصصت الدول العربية الغنية واحدا على المائة مما تنفقه على كرة القدم على ألعاب القوى، لَمَا اقتصرت مشاركتها في الأولمبياد على مجموعات لا نراها إلا في حفلات الافتتاح رافعة الأعلام.