13 سبتمبر 2025

تسجيل

في القدس قد نطق الحجر.. هناك – أيها الفلسطيني – ليس إلا أنت!!

01 ديسمبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تعرضت القدس منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية لعملية تهويد مستمرة بغرض طمس معالمها الإسلامية، وتفاوتت هذه العملية بين تجريف بعض أحيائها مثل حي المغاربة، والاستيلاء على الكثير من المباني ذات القيمة الأثرية والدينية، إضافة لعمليات الاحتيال الممنهج للسطو على الكثير من المباني السكنية فيها بدعوى البيع والشراء، وكذلك عمليات الحفر المستمرة تحت المسجد الأقصى بادعاء البحث عن هيكل سليمان.إن إسرائيل قد أطلقت العنان لأيدي المستوطنين للعبث بكل ممتلكات المسلمين والمسيحيين بالمدينة المقدسة، وحرصت على تنامي أعدادهم وإثبات وجودهم هناك، حيث إن أعداد المسلمين داخل أسوار المدينة والتي تجاوزت الـ 60 ألفاً في عام 1967م قد تقلصت اليوم إلى النصف، أما الاستيطان اليهودي فقد تضاعف أضعافاً كثيرة، وأصبح هذا الوجود يهدد مستقبل المقدسيين ليس داخل أسوار المدينة ولكن أيضاً في كل أحيائها السكنية، حيث تستمر الظروف المعيشية للمقدسيين من الصعوبة بمكان، وذلك جراء سياسات الاحتلال الضاغطة على كل ما هو عربي بهدف دفعهم للرحيل، وتفريغ المدينة من سكانها، والدفع بالمستوطنين اليهود لأخذ أماكنهم، وإعطاء المدينة طابعاً يهودياً يجعل من الصعب مستقبلاً تسوية مكانتها كعاصمة للدولة الفلسطينية.إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حرصت على إقامة التكتلات الاستيطانية حول القدس بهدف محاصرتها، وقطع التواصل معها باتجاهات عمقها الفلسطيني، وهذا معناه فرض سياسة الأمر الواقع، والعمل على إخراجها من دائرة التسويات والحلول السلمية للقضية الفلسطينية.ما حدث في القدس في الأسابيع الأخيرة كان محاولات يائسة وغير محسوبة من نتنياهو لكسب ودِّ المستوطنين، وذلك بالسماح لهم بفعل كل ما يستطيعون بالقدس والمسجد الأقصى، حيث إن عينه على الانتخابات القادمة، بعدما أظهرت التصريحات المتناقضة إرهاصات التصدع في التحالف الحاكم.. ولذا، فهو يتطلع لدعم وتأييد المستوطنين حال انهيار حكومته الحالية، والتي تتأرجح على صفيح ساخن من الجدل والخلافات منذ الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، والتي فشل فيها نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعالون في تحقيق أي إنجازات ترفع من رصيد حكومته، حيث ارتدت سهام الفشل، وأصابت كل من هم في التحالف الحكومي.ومع وقفة المقدسيين البطولية في الدفاع عن المسجد الأقصى بكل ساحاته، والتصدي بكل جسارة لمن تعمدوا تدنيسه وانتهاك حرماته، وعملياتهم البطولية التي جاءت من حيث لم يحتسبوا طعناً ودهساً، وهزت كيانهم وهددت عرش وجودهم بالمدينة المقدسة، أخذوا بالتراجع، واستجاروا بالسلطة الفلسطينية وملك الأردن وكذلك بالولايات المتحدة، وذلك حتى لا تتسع دائرة المواجهات وتصل لصاعق "الحرب الدينية"، والتي إذا اندلعت فلن تبقي ولا تذر، حيث إن شراراتها إذا ما تناثرت في أرجاء الفضاء الإسلامي الواسع، والممتد على مساحة بشرية تتجاوز منطقة الشرق الأوسط إلى القارات الخمس، فإن لغة العداء والكراهية والغضب والرغبة بالانتقام سوف تستيقظ بوجه كل ما هو يهودي، بغض النظر عن مكان تواجده في أي بقعة من العالم.لقد أعاد المقدسيون وإخوانهم الذين انتصروا لهم داخل الخط الأخضر وفي باقي مدن الضفة الغربية تذكيرنا بمقولة "إن هؤلاء الصهاينة لا يفقهون إلا لغة القوة"، وبغير القوة فلن تُجدي أي محاولات أخرى، والحصيلة ستكون "لن تفلحوا إذاً أبدا". لقد دخل عليهم المقدسيون الباب بقوة فعادوا إلى جحورهم، ولو لم تظهر هذه البطولات وصور التضحية العظيمة للشهداء معتز حجازي، وعبد الرحمن الشلودي، وغسان وعدي أبو جمل وآخرين، لكانت هيبتنا في التراب، وأضحت مفاتيح بوابات المسجد الأقصى بيد حاخامات المحتلين الصهاينة.الاحتلال الإسرائيلي بين العبثية والغباء:منذ احتلالها الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967م وإسرائيل الدولة المارقة لا تؤمن بغير سياسة القوة لتطويع نفسيته الفلسطينيين وقهر إرادتهم، وكانت ممارساتهم هي استخدام القوة والمزيد من القوة.ورغم هذه السياسة لم تنجح في الماضي، إلا أن الغباء المستشري بعقلية هؤلاء الصهاينة وقطعان المستوطنين يدفعهم للاعتقاد بأن كسر شوكتنا إنما هو مسألة وقت، وهذا هو ما يجعله يتمادى في عنجهيته، ويتجرأ أكثر وأكثر.. ولكن الحقيقة هي عكس ذلك، فالمارد الفلسطيني وشعب الجبارين لديه دائماً الجهوزية والقدرة على الرد، وقد أحسن المفكر والمحلل السياسي د. مصطفى اللداوي، التعبير عن هذا الواقع، حيث أشار إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يخطئ عندما يظن أن الشعب الفلسطيني قد أُعدم وسائل المقاومة والنضال، وأنه بات عاجزاً عن اجتراح وسائل جديدة وطرقاً مختلفة ليواجه صلف الاحتلال، ويتحدى إجراءاته، ويتصدى لسياساته، وينتصر على التحديات التي يضعها، والصعاب التي يفرضها أو أنه يئس نتيجة الاحتياطات الأمنية الإسرائيلية، والإجراءات العقابية، ومحاولات التحصين والعزل التي يطبقها العدو في مناطقه، والتي جعلت من كيانه "غيتو" أمني معزول، محصَّناً بالجدران والبوابات والأسلاك الشائكة، والبوابات الإليكترونية وكاميرات المراقبة، وأجهزة التنصت والتسجيل والتصوير، وعمليات التفتيش والتدقيق التي يمارسها على المواطنين الفلسطينيين، والتي تبدو في أكثرها مذلة ومهينة، وقاسية وصعبة، أمام عشرات الحواجز الأمنية، التي ينصبها بين المدن والبلدات الفلسطينية، وعلى مداخل وبوابات مدنه ومستوطناته، حيث ينتصب أمامها الفلسطينيون في طوابير كبيرة، وينتظرون لساعات طويلة، قبل أن يسمح لبعضهم بالدخول، كما يُمنع الكثير منهم من المرور، ولو كانوا مرضى أو نساءً، أو رجالاً وأطفالاً، بحجة الاحتياطات الأمنية، والإجراءات الاحترازية.وأضاف: "إن الكيان الصهيوني الغاصب يعتقد أنه بإجراءاته التعسفية هذه سيمنع الفلسطينيين من القيام بأي عملياتٍ مقاومة ضده، لاستعادة الحقوق، أو الرد على الانتهاكات والخروقات، انتقاماً من أعمال القتل والمصادرة، وصداً لسياسات الإغلاق والمصادرة، والاجتياح والاعتداء".ولعل د. مصطفى اللداوي قد أجاد كذلك وصف المشهد الذي عليه الحال في جدلية الشعب والاحتلال، بالقول إن "كل فلسطيني أصبح في عيون الإسرائيليين مشروع مقاوم، واحتمال استشهادي، فقد يحمل سكيناً أو مدية، أو يخفي مسدساً أو قنبلة، أو يبدي استعداداً للانقضاض بنفسه، والعراك بجسده، والاشتباك بيديه، ثأراً وانتقاماً مما يرتكبه الإسرائيليون بحقهم، وأصبحت كل سيارةٍ أو حافلة تسير بسرعةٍ، مقبلة أو مدبرة، وكل جرافةٍ أو دراجة، وأي آليةٍ متحركة أخرى، يقودها فلسطيني، عربي الوجه والسحنة، وكأنها تهمَّ بدهسهم، وتنوي قتلهم وسحق أجسادهم".ولقد أعجبتني تلك الإشارات المعرفية التي طرحها الصحافي حسين حجازي في مقالة له، حيث تساءل مستنكراً: "أي هراءٍ تحاوله اليوم يا نتنياهو في تغيير الطابع الديني والثقافي والتقليدي بل والرمزي لسكان القدس الإسلامية العربية، وقد فشل - قبلك - في ذلك اليونان والرومان والصليبيون؟".فكيف يمكن بعدئذ تغيير طابع ووجه مدينة تختزن تحت قبتها كل هذا الغضب والانفجارات، التي من شأنها أن تهز الأرض والسماوات؟ وأضاف "لقد اعتقد الإسرائيليون دوماً أنهم الأذكى، وأنهم على محور الزمن وعن طريق المخاتلة أو المحايلة يمكن تغيير الواقع بإرساء الوقائع الجديدة. وحتى يمد الله في أوهامهم فقد بدا في الآونة الأخيرة كما لو أن الرياح تدفع في أشرعتهم، وعلى قاعدة إذا هبت رياحك فاغتنمها"، حيث المشهد العربي من الهزالة السياسية بمكان، فالحروب والصراعات الداخلية قد استعرت في معظم الأقطار العربية، وهي تغري بضرب الذكر عنهم صفحاً، فلم يعد لهم شوكة ولا هيبة، كما أن السلطة الفلسطينية - في ظل الانقسام - تبدو عاجزة ومقطوعة الحيلة. لكن الذي حدث ولشدة غبائهم في تجاهلهم لفلسفة التاريخ، وجدوا أنفسهم بعد أن تخلصوا من قتال الجيوش التقليدية، يواجهون جيوشاً لا قبل لهم بها، ولم يعدُّوا أنفسهم من قبل لمحاربتها، وهي الجيوش الجديدة التي ورثت الجيوش التقليدية، وهكذا سوف يهزمون المرة تلو الأخرى، ولن تفلح نداءاتهم: "دعوا الجيش ينتصر"، وهذا ما شاهدناه في يوليو 2006م مع حزب الله، وأيضاً في يوليو 2014م في قطاع غزة، حيث حدث ما توقعناه "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ".