18 سبتمبر 2025

تسجيل

ونــس نــفــســك

01 نوفمبر 2020

الذي ينتظر السعادة تأتيه فهو غلطان، والذي يربط السعادة بأشخاص فهو ظالم لنفسه، والذي يؤمن بأن السعادة حكر بالمال فهو فقير، والذي يؤجل السعادة للأيام القادمة فهو مجرم بحق ذاته، السعادة درجات، وهي فرصة عليك اقتناصها في كل الأوقات وفي كافة الأوضاع. اغتنم السعادة في العيش مع أفراد أسرتك، لأنهم يوماً ما سيرحلون؛ الكبار سيموتون - بعد عمر طويل - والصغار سيتزوجون ويستقلون بأنفسهم، وسيخلو البيت الكبير الجميل إلا من البعض، وستنتهي التجمعات الونيسة إلا بوجود أم تجمع. لذا استمتع بالحديث والجلوس مع أفراد أسرتك واغدق عليهم حباً وشعوراً ومالاً ووقتاً قبل أن تفوت الفرصة. اغتنم السعادة في مجال عملك ومهنتك وستتغير نظرتك للعمل والزملاء والإنتاج، وحتى للمراجعين والمستفيدين في مؤسستك، فالمعلمة المبدعة تختلف عن غيرها، لأنها تمارس تعليم طالباتها بسعادة، والعسكري المميز يختلف عن زملائه لأنه يمارس مهنته بوطنية وسعادة ولا يمارسها كوظيفة، الطباخ الماهر يفرق عن غيره لأنه (يحوف) المقادير بحب وسعادة وتلقاه إذا كان مزاجه عالياً ممكن أنه يطبخ ويغني و(ينقز) في نفس الوقت. اغتنم اعتدال الجو وجمال الطقس، استمتع به مع الربع أو الأهل أو حتى مع الذات، لا تجعل فرصة الأمطار القادمة تذهب دون اغتنامها بالأنشطة المناسبة لمثل هذه الفترة من العام، ليس شرطاً أن تدفع رسوم التخييم كي تضع مخيماً، ولكنك يمكن أن تزور الربع ممن لديه عنة أو مخيم أو شاليه، ترى المساير زين هههههه. يقوم البعض بالاحتفاظ بهدية ثمينة ويؤجل استخدامها لأنه يأمل أن يأتي يوم وسيستخدمها في مناسبة مهمة، وعندما يأتي ذلك اليوم تكون تلك الهدية بدا عليها القدم أو الاهتراء أو حتى لا تكون بنفس مقاسه إذا كانت شيئاً يلبس، فيضطر إلى توزيعها على آخرين فينظر إلى نفسه بحسرة تفويت فرصة. يقتر البعض على نفسه في الإنفاق لأنه يعتقد أن ذلك سيسعد ذريته من بعده وسيكون لهم سنداً، فلا هو استمتع بالمال في حياته معهم، ولا الورثة اهتموا بتوجيه أموال الورث إلى أعمال خيرية تصب في ميزانه، أعرف صديقاً معنا في المجلس راتبه الشهري يفوق مائة ألف دولار، ومع ذلك نراه يبخل على نفسه وعياله، وهو متساو معنا في العزومة الدورية بل ويمكن أن يعتبر أقل واحد منا في إكرام ضيفه، يحدثني ابنه بأن أباه يعيش بسيطاً في ظل تضخم أرصدته البنكية داخل وخارج البلاد. قبل أحداث كورونا كنت أسير في شارع الحب باتجاه بيتنا في منطقة الشامية بدولة الكويت. رأيت موقفاً رائعاً يتمثل في سيارة على يساري يابانية بسيطة موديل قديم نسبياً فيها اثنان يأكلان سندويشات وتبدو عليهما كل مظاهر السعادة، وفي السيارة التي كانت على يميني ظل رجل أربعيني بسيارة فارهة مقطب الحاجبين فرفع نظارته وهو يرى السيارة اليابانية البسيطة وكأنه يقول في قرارة نفسه "يا حظهم"، نعم السعادة ليست سيارة فارهة فقط، ليست مالاً. ماذا ننتظر كي نستمتع بغرفة الضيوف المغلقة ذات الأثاث الراقي؟، من أفضل منا يستحق أن يأكل بالأطباق الغالية التي لا تستخدمها ربة البيت إلا بحضور الضيوف الخاصين؟، ما الذي يؤخرنا عن التجمع في مطعم على (التلة) نأكل أطيب الغداء مع من نحب؟، لماذا لا يكون كل يوم من أيامنا مناسبة سعيدة نعامله كأننا في موعد مع الفرح؟ لا تعش دوماً بعقلية كل شيء مؤقت، لأن هذا المؤقت يمر ولا يعود، فالسعادة فرصة. ‏أشد كثيراً على أيدي أخواننا العرب الذين يعملون في الخليج ويصرون على أن يبقى عيالهم معهم في الغربة. ‏أؤيد دوما التجمعات – مع الاحتراز طبعاً – في المجالس فيلتقي الأصدقاء وأبناء العمومة مباشرة كي ينعموا بالوصل. ‏أحترم المدير الذي يبث روح التفاؤل والسعادة فيمن حوله عندما يقول مبتسماً (عش حياتك وانطلق)، فهو يَسعد ويُسعد. ‏واستمتع بصحبة الأشخاص الذين لديهم جدول يومي للسعادة فيرسلون لأعضاء القروب: "ها شباب شالجدول اليوم؟". ‏أفخر بمن يشعر بالسعادة عندما يؤدي الغاية التي خلقه الله من أجلها فتراه بسوماً بعد كل صلاة يؤديها. آخر المطاف: يقول أبو القاسم الشابي: هذه سعادة دنيانا فكن رجلاً إن شئتها أبد الآباد يبتسم همسة: قبل أن تنام ابتسم وكن سعيداً لأنك أسعدت نفسك والآخرين.. دمتم بود. [email protected]