12 سبتمبر 2025

تسجيل

نظام العالم ينهار

01 نوفمبر 2014

ربما يكون من المنطقي التفكير بأن الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع قوتها ونفوذها وتأثيرها الدولي بصورة غير مسؤولة في كثير من الأحيان، فهي تتعامل بتسطيح غريب لأخطائها في كل المواقع التي تعاملت مع مشكلاتها بحلول عسكرية، كما أنها متعالية في تصرفاتها السياسية بحيث لا تحترم القانون الدولي، وسهل للغاية بالنسبة لها أن تقفز على القضايا بعيدا عن مجلس الأمن المعني بأمن وسلام العالم.وقد نتفق إلى حد بعيد مع اتهامات الرئيس الروسي فلاديمير بوتن للولايات المتحدة بتعريض الأمن العالمي للخطر من خلال فرض "إملاءات من جانب واحد" على بقية العالم، وأشار الرئيس الروسي خلال حديثه إلى سلسلة من الصراعات التي نسب الخطأ فيها إلى أفعال الولايات المتحدة وشملت ليبيا وسوريا والعراق، وتساءل ما إن كانت سياسات واشنطن عززت السلام والديمقراطية؟ ورد "لا"، وقال "الإملاءات من جانب واحد وفرض مشروعات على الآخرين يؤديان إلى الأثر العكسي بالضبط". الرئيس الروسي محق فيما ذكره، فسياسة الولايات المتحدة منفردة ولم تعد جديرة بالثقة لأنها تغلّب المصلحة الفردية على مصالح غيرها، وذلك بالضرورة يؤدي إلى عدم توازن في السياسة الدولية واستحقاقات جميع الشعوب، فالأمم المتحدة التي تضمها لها مبادئها ومعاهداتها التي ينبغي احترامها من جميع الدول التي تتساوى في الحقوق والواجبات على الصعيد الإنساني، وإلا أصبحت هذه الجمعية رهنا على قوة واحدة تفرض سياساتها بمنطق القوة، وذلك يجعل العالم أقل أمنا وسلاما بالتأكيد.في المجمل لم تعد سياسات الولايات المتحدة الأمريكية حول العالم جديرة بالثقة، فهي لا يمكن أن تجمع بين النزاهة واحتياجاتها لقوتها للتدخلات الخاطئة والاستعراضية لأجل إظهار قوتها وسطوتها على شعوب العالم، وذلك أمر لا يستقيم مع منطق التاريخ الذي انهارت فيه قوى وإمبراطوريات حينما توسعت بصورة غير أخلاقية وأدخلت نفسها في دوامة سيطرة على الآخرين انتهى بها إلى الزوال.حين كتب روبرت كينيدي كتابه القيّم "سقوط وصعود القوى العظمى" فهو في الواقع كان يتنبأ بسقوط بلاده من واقع تشتيت أفكارها التوسعية، واحتفاظها بقوة خائفة ومرعوبة من الانهيار، وهناك كثير من المؤشرات التي لن تفلت منها الولايات المتحدة وتسهم في انهيارها، على المستويات الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية، ولكن قبل ذلك يجب فعلا التصدّي لها لتحترم بقية العالم وحقهم في الأمن بعيدا عن تفسيراتها الخاطئة وتدخلاتها الكارثية.