17 سبتمبر 2025

تسجيل

بماذا نجيب من يسأل: الخليج العربي إلى أين؟ 

01 أكتوبر 2018

تنعقد هذه الأيام في نيويورك الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في دورتها الثالثة والسبعين بحضور صاحب السمو أمير قطر، وللعبرة نسجل أنه منذ الدورة الثانية والسبعين في سبتمبر 2017 مر عام صعب اضطرت فيه الجمعية العامة إلى معالجة أزمات جديدة واقتراح حلول جديدة لم تكن مطروحة منذ عام، فالعلاقات الدولية مجال متحول ومتغير باستمرار بل يكاد العالم يعيش الأحداث الطارئة يوميا لا سنوياً بالنظر إلى تسارع المحن وتدافع المصالح وتعملق الأمم والمشاكل الأمريكية الداخلية وتعاقب أخطاء دول الحصار مما ضاعف بؤر التوتر والعنف وأبعد بصيص الأمل في سلام عادل وعودة الوعي للشعوب بأن مصيرها واحد و أمنها مشترك. في المجالس الخليجية والمحافل الدبلوماسية والندوات الإستراتيجية العالمية نتعرض أنا وأنتم وكل من يعيش في إقليم الخليج إلى حرج وحيرة حين يفاجأنا صديق بطرح سؤال أصبح تقليديا وهو يلقى بصيغ مختلفة لكن بذات المضمون يوجز في ثلاث كلمات هي (خليجنا إلى أين؟) لأننا نتجاوز اليوم حاجز 500 يوم من حصار جائر مضروب على دولة مسالمة ومستقلة وذات سيادة وصاعدة حتى أن المتشائمين أو الواقعيين لا يرون ضوءا في آخر النفق! أما الذين فطرهم الله على الإيمان بأن الحق لا بد أن يبز الباطل وأن الخير لابد أن يهزم الشر فالجواب لديهم واضح وهو أن الخليج يعبر نهرا خطيرا من الأزمات نتيجة سوء التقدير ليس لدى دول بل لدى أشخاص بعينهم يفتقدون التجربة والخبرة فقرروا في غفلة من ضمائرهم ومن شعوبهم أن يعتدوا على شقيقة جارة وتواصوا بما تعلمون من تخبطات ولكن غاب عنهم ربما أن الخمسمائة يوم من الحصار كانت مشحونة بحقائق ومؤشرات لا تخطئها العين فاليوم ليس العالم كما كان يوم الخامس من يونيو 2017 وإليكم جردا في التحولات الجيوستراتيجية الطارئة على المنطقة وعلى العلاقات الدولية خلال الـ 500 يوم بلياليها. 1) شهد الرأي العام العالمي كيف تفاقمت الإدانات الصادرة عن دول ومنظمات أممية لممارسات دول الحصار الأربع دون استثناء للتنديد إما بما يبلغ جرائم حرب أو بما صارت عليه وضعية حقوق الإنسان في مجتمعاتهم وما وصل اليه القضاء من خرق للقانون واستخفاف بالقيم العالمية الإنسانية المتفق عليها بالإجماع أو بعمليات القرصنة الإلكترونية المدانة فالملفات تراكمت أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في (جنيف) وحتى أمام قضاة محكمة العدل الدولية في (لاهاي) لمحاسبة المورطين. 2) بالمقابل شهد الرأي العام تعاقب بيانات التقدير والإشادة بالمستوى العالي الذي حافظت عليه دولة قطر من خلال توجيهات سامية من صاحب السمو أميرها مرورا بقنوات الدبلوماسية إلى المواقف القطرية الثابتة والجريئة من قضية العرب الأولى فلسطين في نطاق ما اعترفت به للشعب الفلسطيني منظمة الأمم المتحدة من تمسك بحل الدولتين ومشروعية المقاومة للاحتلال وتشبث قطر بوحدة مجلس التعاون وإعادة تفعيل استقرار المنطقة بينما انخرطت بعض الدبلوماسيات الأخرى في مشاريع أقل ما يقال عنها إنها مناقضة لمصالح العرب والمسلمين مهددة لأمنهم وللسلام الإقليمي، بينما تسعى دولة قطر إلى لم الشمل وتضميد الجراح مما جلب لها احترام المجتمع الدولي. 3) يلاحظ المراقبون النزهاء أن بعض الدول الخليجية والعربية انخرطت في تدخلات عسكرية مرتجلة وغير مأمونة العواقب في بقاع بعيدة عنها جغرافيا وتورطت في خيارات تتناقض مع سيادة الدول ومصالح الشعوب ونتجت عنها خروقات وردود فعل آخرها العدوان الإرهابي على منصة العرض العسكري بالأحواز والشبهات التي تحوم حول مموليها وحماتها والمحرضين عليها وكذلك التلاعب بمصير ليبيا، في حين اعتمدت دولة قطر بحكمة عدم التورط في صراعات أيديولوجية لا تعنيها بل إن الدبلوماسية القطرية تأسست على تقريب الشقة بين الخصوم والمتصارعين هنا وهناك وحرصت منذ سنوات على جمعهم وتأليف قلوبهم في الدوحة، ويذكر الناس كم من حرب أهلية تم إطفاء فتيلها في الدوحة وكم من تناحر طال أمده انتهى بعناق ووفاق في الدوحة بين سودانيين ويمنيين وفلسطينيين ولبنانيين مما رسخ في أذهان العرب كعلامة مضيئة من علامات السلام والأمن ومقاومة الإرهاب ودعم خيارات الشعوب واستقلالها.