17 سبتمبر 2025
تسجيلصادف أن كنت في أوروبا خلال الأسبوعين المشحونين بأحداث الشرق الأوسط وبخاصة ما بين باريس و بروكسل حيث سعدت بلقاءات مع أصدقاء قدامى من دبلوماسيين و خبراء سياسيين من الدول الأوروبية و هم كما أنا مهتمون بالشأن العربي و الإسلامي بعد استفحال غريب لظاهرة الإرهاب ما بين سوريا و العراق ثم بدرجة مختلفة ما بين اليمن و ليبيا و لاحظت اهتمام هؤلاء الأصدقاء الأمناء في التحليل و الاستنتاج بتصريحات سمو الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد و تحليلاته الصائبة في كل مراحل التحرك الدبلوماسي القطري الواعي و المسؤول من جولته الألمانية إلى خطابه في الدورة التاسعة و الستين لمنظمة الأمم المتحدة وصولا إلى الاستجواب الصحفي الرفيع على قناة (سي إن إن) الأمريكية. ففي برلين رفع سموه لبسا أثاره أحد وزراء الحكومة الألمانية وقد تحدث الشيخ تميم والمستشارة ميركل في برلين خلال زيارة الأمير، بعد نحو ثلاثة أسابيع من تعليقات وزير ألماني أثارت غضب الدوحة، وربط فيها بين قطر وتمويل تنظيم الدولة الإسلامية.و تؤكد استنتاجنا أن الوزير انساق وراء الدعايات المخطط لها ضد دولة قطر دون مراجعة رئيسته المستشارة ميركل و دون البحث و الاستقصاء عن الموقف العقلاني و الأخلاقي للسياسة الخارجية القطرية وقال الشيخ تميم في مؤتمر صحفي مشترك "إن قطر لم تدعم جماعات متطرفة أبدا" و أضاف "ما يحدث في العراق وسوريا تطرف و إرهاب، وتلك الجماعات تمول جزئيا من الخارج"، ولكن قطر لم ولن تدعم تنظيمات إرهابية. وكانت ألمانيا عبرت الشهر الماضي عن أسفها عن أي إهانة تكون الدوحة أحست بها، بعد حديث وزير التنمية والمساعدات الألماني، غيرد مولر، لمحطة إذاعية محلية، تحدث فيه عن تنظيم الدولة الإسلامية، قائلا "من يمول هذه القوات؟ (أعطيكم) إشارة: قطر". و بعد تجاوز هذه الجزئية المأسوف عليها بدأت زيارة سمو الأمير إلى نيويورك مصحوبا بوزير الخارجية د.خالد العطية و كان خطابه أمام المنتظم الأممي محل إحترام صادق من مختلف الوفود الحاضرة و بخاصة الغربية التي أفاقت على حقائق صدع بها الشيخ تميم الذي شخص علة الإرهاب الداعشي و غير الداعشي فأوضح حقيقة المساعدات القطرية منذ عهد سمو الأمير الوالد إلى اليوم قائلا على سبيل المثال بأن العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني و بأخر حلقة منه في مصرع آلاف الضحايا و منهم الأطفال يشكل إرهاب دولة و لا أمن يرتجى في الشرق الأوسط دون تطبيق البند السابع للأمم المتحدة على الاحتلال الإسرائيلي وهذا الموقف وصفه القادة الفلسطينيون و العرب بأنه موقف الالتزام الأخلاقي و قول الحق و الانتصار للقضية المركزية للأمة بل إن التباطؤ في حلها سلميا و التلكؤ الإسرائيلي و عدم رفع الحصار عن شعبنا الفلسطيني سوف يطيل عمر الإرهاب الأعمى و يغذيه و يوسع فضاءاته. يتميز هذا الموقف الشجاع بالصدق في التحليل و الغوص في أعماق الأزمات الراهنة وهو موقف ثابت لدى دولة قطر مهما تفاقم سوء الفهم أو سوء التقدير. دعا أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد اَل ثاني المجتمع الدولي لوضع حد لإراقة دماء السوريين، مضيفا أن المجتمع الدولي تأخر في التدخل لإنهاء هذه المعاناة وأضاف الأمير تميم في كلمته أمام زعماء العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء 24 سبتمبر أن مأساة الشعب السوري هي الأكبر في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن السوريين يعيشون بين عنفي النظام والإرهاب.وحول القضية الفلسطينية دعا الأمير مجلس الأمن إلى إصدار قرار تحت الفصل السابع يلزم إسرائيل بإنهاء احتلال أراضي 1967 الفلسطينية.وأكد أن على إسرائيل إدراك أن أمنها لن يتحقق إلا بالسلام، وأن الاحتلال إلى زوال، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية هي آخر قضية استعمارية باقية وأن الحلول المؤقتة غير مجدية. هذه رؤية قطر للاحتلال الإسرائيلي وهي الرؤية الثاقبة المؤسسة على القانون الدولي لا على الحماسة وقد سبق أن أشار إليها في الستينات زعيم عربي فذ هو الحبيب بورقيبة ليغير مسار القضية الفلسطينية إلى ملفها الحقيقي وهو ملف تصفية الاستعمار حسب بنود المنظمة الأممية فجاء اليوم من يصدع بهذه الحقيقة المغيبة في ظروف تاريخية مختلفة و بعمق التحليل و قوة الحجة و شجاعة الزعماء حتى يقتنع الرأي العام العالمي بأن داعش و التطرف الإرهابي لم يولد من فراغ بل من يأس و بأن الفوضى وليدة المظالم لأن ما يسمى النظام العالمي الجديد هو نظام الكيل بمكيالين حيث يحشر المسلمين في خانة الإرهاب بينما لا دين للإرهاب فهو ينمو و يترعرع في بيئة الظلم و العنصرية. و جاءت المرحلة الثالثة من جولة سمو الأمير بمخاطبة الرأي العام العالمي من خلال قناة (سي إن إن) فصحح سموه بعض المفاهيم المضللة و أكد الحقائق الساطعة بالدليل القاطع فيما يتعلق بشائعات ما يسمى بمساندة قطر للإخوان في مصر و غير مصر وهو التجني الذي يريده أعداء الديمقراطية سلاحا للنيل من الدولة التي لم تأل جهدا في دعم فلسطين و كسر الحصار و إعمار جنوب لبنان و مساندة حقوق الشعوب في الحرية و السيادة و مقاومة الاستبداد و في هذا الحوار مع الصحفية (أمانبور) قال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إن بلاده قدمت المساعدة إلى الحكومة العسكرية المصرية قبل الإخوان، وبعد تنحى الرئيس الأسبق حسني مبارك، مباشرة، وأن ما يدعيه البعض بدعم الإخوان، غير صحيح، مشددا على أن الدعم الذي قدمته قطر كان للحكومات المصرية المتعاقبة، ومازال مستمرا، لذلك فالأمر لا علاقة له بالإخوان.وفيما يتعلق بوجود عدد من قيادات تنظيم جماعة الإخوان في قطر، قال سمو الأمير. خلال مقابلة مع المذيعة كريستيان أمانبور، على شبكة «سى إن إن» الأمريكية، أوردتها وكالات الأنباء، الجمعة، إن «العديد من الإخوان رحلوا من مصر بعد ما حدث منذ عام مضى.وأوضح أمير قطر، أن الإخوان كانوا مهددين وخائفين، وهم في أمان وموضع ترحيب في قطر طالما أنهم لا يمارسون أي نشاط سياسي، ومازال البعض موجودا والبعض الآخر منهم غادر البلاد لأنهم يؤمنون بأنه آن الأوان لممارسة العمل السياسي، وهم مدركون أن قواعد بقائهم في قطر تمنعهم من ممارسة أي نشاط سياسي ضد أي بلد عربي آخر.وشدد سمو الأمير، على أن مشاركة بلاده في العمل العسكري ضد التنظيمات الإرهابية تأتى نظرا لإيمانها بوجوب مواجهة الإرهاب، مشيرا إلى أنه يجب مكافحة الإرهاب، لكنه يعتبر أن السبب في كل ما يحصل هو النظام في سوريا.هذه كلمات الحق من فم و من عقل رجل دولة مسؤول لا يخشى في ذلك الحق لومة لائم حتى لو كانت الحقائق تختلف عن الأباطيل التي يروج لها أولئك الآفلون من عهود القمع و الذين حرمتهم الثورات العربية من الثروات الحرام فاتهموا قطر الخير بما ابتدعوه من ترهات لم يعد يصدقها أحد و جاءت مواقف سمو الأمير تفندها جملة و تفصيلا و تزيح ظلمات الباطل عن جوهر الحق و تبدد الزبد الذي يذهب جفاء ليمكث ما ينفع الناس في الأرض.