10 سبتمبر 2025

تسجيل

التفاؤل الايجابي أقوى تأمين صحي

01 سبتمبر 2018

حضرت عام 2009 محاضرة في التنمية البشرية وكانت عن الأمل والتفاؤل، قدمها أحد أهم الشخصيات الرائدة في هذا المجال. شعرت أثناء المحاضرة أن هذا تحديدا ما كنت أبحث عنه، ولكن بعد أن خرجت بساعات معدودة أدركت الخدعة! فالرجل قام بالتلاعب بكلماته حتى بدا لنا للوهلة الأولى أن كل مشاكلنا يمكن حلها بمجرد أن نتفاءل!  هل سمعتم من قبل عن: وهم التفاؤل؟ الميل الى التفاؤل الذي أتحدث عنه هو وهم ذهني تدرسه الجامعات الغربية بشكل كبير وبتركيز عال في المختبرات الطبية والغريب أن 80% من البشر يملكونه ولكن لايشعرون به. تقول تالي شاروت، وهي عالمة أعصاب: إن الميل للتفاؤل هو باختصار الإفراط في توقع إمكانية حدوث ظروف حسنة في حياتنا والتقليل أو التغافل عن إمكانية حدوث ظروف سيئة. وهو أيضا عدم قدرة الفرد على تقييم نفسه والآخرين بشكل موضوعي، وافتقاره إلى المعيار السليم. مثال على ذلك: كم منكم ممن يعملون في المكاتب قد سمعوا جرس الإنذار يقرع آذانهم ولم يحركوا ساكنا، بل تجاهلوا الصوت تماما وكأنهم لم يسمعوا شيئا؟ دعونا نرى العكس! ماذا لو أن احدهم وقف وصاح: إنهم يوزعون كوبونات مجانية في الغرفة المجاورة، اأا تهب فورا لسماع المزيد من التفاصيل؟ وفعلا د. شارلوت قامت بتجربة خفيفة وثبت لها (وتم توثيق ذلك فعلا) بأن الجميع تجاهل جرس الإنذار، في حين أن الكثير منهم استجاب لدعوة أحد الأشخاص بمجرد الإعلان عن (احتمال) توزيع كوبونات. هذه المسألة تتكرر في أمثلة كثيرة، منها أننا قد نتوقع طول أعمارنا، مع أن الأعمار بيد الله، وقد نتوقع لأنفسنا مستقبلا مهنيا زاهرا، مع أننا لا نعمل لتحقيق ذلك، وقد نفخر بعبقرية أطفالنا، مع أنهم قد يكونون عاديين. نحن في جميع ما سبق ذكره من حالات لم نكن واقعيين.  لماذا يحدث ذلك؟ خلاصة القول أن هناك جزءا في الدماغ يحفز الشعور الإيجابي على الظهور، وهو فعلا يقوم بعمل ممتاز، علما أنه هناك جزءا آخر في الدماغ يحتوي على منطقة تولد المشاعر السلبية فقط وتحفزها على الظهور، ولكن هذه المنطقة لا تعمل كما يجب! ماذا نفهم من ذلك؟ نفهم بالطبع بأن أدمغتنا برمجت على أن تكون إيجابية متفائلة بالفطرة. فالتفاؤل لا مفر منه وله حسناته بالطبع، ونريد أن نستفيد منها. ولكنه أيضا قد يكون وهما مضللا يضيع وقتنا وجهدنا في أحلام مستحيلة!  كيف يمكننا أن نبقى متفائلين وأن نستفيد من طاقة التفاؤل الإيجابية دون الوقوع في وهم التفاؤل؟ الحل يكمن في عقولنا، أن نتسلح بالمعرفة، أن ندرك أهمية التفكير العقلاني ولا نركض وراء عواطفنا، ونأخذ بالأسباب. فمثلا ندعو الله تعالى الشافي المعافي بدوام الصحة، وبنفس الوقت نعتني بصحتنا فنلعب الرياضة ونتغذى الطعام الصحي، ويكون عندنا تأمين صحي ساري المفعول!