15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يبدو أن النزاع في منطقة المشرق العربي سيتوقف بمجرد القضاء على تنظيم داعش، فهناك ما يشير إلى أن نزاعًا حتى بين المتحالفين سينشب إن مضت كردستان في مشروعها الانفصالي وأجرت استفتاءً في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري. لا يخفى على المراقبين بأن لأكراد العراق طموحات قومية امتدت لعقود، ويراودهم حلم الاستقلال في دولة كردية صاحبة سيادة، والحق أنهم خاضوا صراعًا مريرًا مع حكومة بغداد المركزية على مدار نصف قرن من أجل هذا الغرض، غير أنهم واقعيون إذ قبلوا بصيغة تعايش مع بغداد وأقاموا في الوقت ذاته تحالفات عراقية وإقليمية للموازنة بين مطالبهم القومية وضعفهم الناتج عن موقعهم الجيوسياسي الذي يدفع دول الجوار للتحالف ضد حلمهم في الاستقلال. لكن التغير في موازين القوى في منطقة المشرق العربي ربما خلق نافذة أمل لأكراد العراق للمضي في مشروعهم، فالإعلان عن استفتاء على الاستقلال يأتي في وقت يشعر فيه الأكراد بأن مطالبهم قابلة للتحقق، فمشاركتهم القوية في الحرب على داعش والتحالف مع الولايات المتحدة ربما سيدفعان على الأرجح غالبية كبيرة من الأكراد للتصويت لصالح مشروع الاستقلال. الراهن أن نجاح حكومة كردستان في تنظيم استفتاء لن ينزل كبرد وسلام على عاصمتين هامتين في المنطقة وهما طهران وأنقره، فهناك معارضة قوية من قبل هاتين العاصمتين لاستقلال أكراد العراق على الأقل خوفا من تحول كردستان "المستقلة" إلى بؤرة جذب وربما إلى هوية جديدة يتماهى معها أكراد تركيا وإيران الأمر الذي يخلق مشاكل خطرة داخل المجتمعين التركي والإيراني. وبتقديري سيفضي نجاح أكراد العراق في مشروعهم إلى نشوب نزاع قد يكون مسلحًا بين كردستان وتحالف إيراني تركي. والمفارقة أن تركيا وإيران لهما مشاريع مختلفة في سوريا وتقفان في خنادق متقابلة ومع ذلك ستتوحدان في مواجهة أكراد العراق في هذه الحالة. وهناك ما يشير إلى أن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس هيئة الأركان الإيراني لأنقره للالتقاء بنظيره التركي تأتي في سياق التنسيق العسكري ووضع الخطط لمواجهة الوضع في كردستان. رهانات أكراد العراق جاءت بعد أن أسهمت قوات البشمركا في الحرب على داعش وبعد أن لعب أكراد سوريا دورا هاما في الحرب على داعش، وربما شكل التحالف مع الولايات المتحدة (والأخيرة تتحالف تكتيكيا معهم) شبكة آمان لهم للانطلاق في مشروعهم، غير أن الواقع يشير إلى أن واشنطن تثمن أكثر التحالف مع أنقرة وبخاصة أن الأخيرة عضو هام في حلف شمال الأطلسي النيتو. ولا يمكن للأكراد الاستناد إلى تشجيع إسرائيلي لهم في المضي بمشروع الاستفتاء لأن إسرائيل لا يمكن لها عمليا الدفاع عن كردستان في حال نشوب نزاع مسلح بين كردستان وكل من تركيا وإيران. كما أن أي تدخل إسرائيل بحاجة إلى تنسيق كبير مع الولايات المتحدة ما يجعل مغامرة كردستان كمن يكتب على رمال في يوم عاصف. بكلمة، الحرب المستمرة في منطقة المشرق العربي والتي يتعدد فيها اللاعبون لن تنتهي بسلام وإنما ستلد حروبا أخرى أكثرها بروزًا تلك التي قد تأتي نتيجةً لمحاولات أكراد العراق الحصول على استقلال مرة وللأبد. وهذه الحرب الأخيرة في حال اندلاعها ستغير من طبيعة التحالفات ولا يمكن واقعيا للأكراد أن ينتصروا بها إذ أن موازين القوى واضحة وبخاصة إذا ما قررت الولايات المتحدة الوقوف جانبًا نظرًا لأن حليفتها الأوثق (تركيا) ستكون طرفًا رئيسًا في حرب ترى أنقرة بأنها تأتي في سياق الدفاع عن الأمن القومي التركي وهو أمر لا يخضع للمساومة.