15 سبتمبر 2025
تسجيلواقتربت خير أيام الدنيا، العشرُ المباركاتُ، فيها خزائن الرحمات ومضاعفات الدرجات، إنها العشر الأوائل من ذي الحجة، هذه العشر العظيمة الفضل التي أقسم الله تعالى بها في كتابه العزيز، والقَسَم بالشيء دليل على أهميته وعِظَم نفعه، قال تعالى: { وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1-2]. فقد فسَّرها أكثر المفسرين بأن المقصود بها عشر ذي الحجة، وهذه العشر التي خصها الله تعالى بمحبة العمل الصالح فيها على سائر أيام العام؛ فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ"-أي عشر ذي الحجة- قَالُوا: وَلَا الجِهَادُ؟ قَالَ: "وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ" [أخرجه البخاري2/ 20]. فهذه العشر من مواسم الخير ونفحات وهبات الخالق سبحانه التي ينبغي على المسلم أن يتعرَّض فيها لنفحات رحمة الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا" [رواه الطبراني]. ومن أهم ما تختص به الأيام العشر أنها يقع فيها يوم عرفة، وهو يوم عظيم، وصيامُه يُكفِّر آثام سنتَيْن. وفي العشر أيضًا يوم النحر الذي هو أعظم أيام السَّنة على الإطلاق وهو يوم الحجِّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره، مثل الهدي والأضحية وكثرة ذِكر الله. فيجب على كل مسلم في هذه الأيام المباركة الإكثار من العمل الصالح كصيام تسع من ذي الحجة؛ وكذلك الحرص على كثرة القيام، وقراءة القرآن، والصدقة، وصلة الأرحام، وكثرة ذكر الله، وكافة وجوه الخير، وفضائل الأعمال. ومما ينبغي التأكيد عليه في هذه العشر: التوبةُ النصوح إلى الله تعالى، والإقلاعُ عن المعاصي وجميع الذنوب ولا سيما أن هذه العشر مع فضلها العظيم تقع في الأشهر الحرم التي تَعظُم فيها المعاصي. فيجب العزم على الرجوع إلى الله تعالى، وترك كل ما يكرهه الله في السر والعلن، والندم على ما فات من التفريط والتقصير، والعزم على الاستقامة على الحقِّ والخير وفعل ما يحبُّه الله تعالى. فأوصيكم ونفسي باغتنام هذه العشر المباركة باستغلال الوقت في هذه الأيام العظيمة، فما من شيء يعوضها، ولا تُقدَّر بقيمة، فالمبادرةَ المبادرةَ بالعمل الصالح والإقبال على الخالق سبحانه. نسأل الله تبارك وتعالى أن يُعيننا على طاعته وحُسن عبادته والفوز بمرضاته في كل وقت وحين، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال. اللهم آمين. [email protected]