19 سبتمبر 2025
تسجيلإن الحق سبحانه وتعالى فرض علينا الفرائض ليطهر بني البشر فيلقوا الله تعالى وهو راض عنهم وسميت هذه الفرائض أركان الإسلام يقول صلى الله عليه وسلم:(بني الإسلام على خمس شهادتي ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاعإليه سبيلا) رواه البخاري.وتمتاز الشريعة الإسلامية بيسرها وسماحتها وحيث أن هذا الدين هو الدين الخاتم وشريعته هي المهيمنة على كل الشرائع وهذه الأمة هي الأمة الوسط تجلت وسطية هذا الدين في فرائض الدين إن كان الصيام مقررا وفريضة قديمة على المؤمنين في كل دين كما قال تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) سورة البقرة 183 .والمسلمون بذلك ليسوا بدعا بين الأمم إلا أن الإسلام هو الدين الوسط الذي يلبي حاجات الإنسان ويرعى احتياجاته فكان الصيام أياما معدودات شهرا واحدا في السنة كلها فليس مفروضا العمر كله أو تكليف بصيام الدهر بل إنه يراعي ويلبي حاجات الإنسان.فإن المسلم الذي يلبي نداء الله عز وجل مستشعرا عظمة الخالق سبحانه وتعالى. يعلم حق العلم أنه ما خلق في هذه الحياة إلا للعبادة لذا فهو يشعر بلذة المناجاة عندما يتضرع إلى ربه وهو يؤدي هذه العبادة. فهو يعلم علما يقينيا لاشك فيه أن الشريعة كلها مصالح إما تدرأ مفسدة أو تجلب مصلحة فإن سمعت قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا) فتأمل وصيته بعد ندائه، فلا تجد إلاَ خيراً يحثك عليه ويأمرك به، أو شرا يزجرك عنه وينهاك عن فعله.فعظمة الإسلام تتجلى في هديه القويم وآدابه السامية والتي تتمثل في أنه دين عملي وواقعي وحركي. لذلك فإنه ينطلق بالمسلم من حيث هو يأخذ بيده ويرتقي به ويهذب من سلوكه ويغير من عاداته، وفق ما يلقاه المسلم في يومه من مواقف دينية أو دنيوية،وذلك من خلال العبادات التي افترضها اللهسبحانه وتعالى عليه. وأنه دين لا يغفل أي موقف يحياه المسلم إلا ويجعله منطلقا للارتقاء به، وأنه دين يجعل من عباداته عاملا أساسيا في تربية النفس وتزكيتها وتهذيبها بالعبادات وإصلاحها، وأنه دين يجعل الأخلاق مقترنة في تلازم وتجانس بديع لتكون هذه الأخلاق وهذه القيم أثرا من آثار العبادة المقبولة: فالصلاة صلة بين العبد وربه تترك من الآثار الإيجابية في نفس المسلم ما يميزه عن غيره فهي تنهاه عن الفحشاء والمنكر وتعوِده على الانضباط والإتقان، والزكاة التي يتقرب بها العبد إلى ربه ببذل النفيس من ماله بنفس راضية وبقلب مطمئن بالإيمان فهي مدرسة للبذل والعطاء وطهرة للنفوس وتكافل اجتماعي بناء، والصيام الذي يدرب المسلم على الصبر بأنواعه ويوحد مشاعر المجتمع في حالة يعز نظيرها مما يجعل المؤمن يتقرب إلى ربه بعظيم القربات من تلاوة للآيات وإنفاق للصدقات وإحساس بالفقراء.وعبادة الحج فتتجسد فيها قمة العمل التربوي لتصبح ميدان تربية متكاملا يكون له أكبر الآثار الإيجابية ومنها، والصيام يختلف عن بقية العبادات في أنه تهذيب قويم للنفس وإصلاح وتغيير للسلوك، بصورة أكبر مما هي عليه في العبادات الأخرى وذلك لأن لو شاتمه أحد أو سبه فليقل إني صائم وإن من روعة هذا الدين أنه جعل من فريضة الصيام مدرسة تربوية متكاملة اجتمعت فيها غالبية العناصر التربوية المطلوبة في العمل التربوي الفعال، فتجد استعداد النفس المسلمة الراضية المتمثلة للتوجيهات الربانية وهي مظاهر تدل على مدى حرص المسلم وإقباله طواعية على هذه العبادة مما ييسر تحقيق الآثار الإيجابية والتربوية في النفس. فالدروس والعبر من العبادات كثيرة لا يمكن حصرها ولا تقف عند شكل ما بل تمتد لتشمل حياة المسلم كلها، وحياة المجتمع من حوله، فتكون التربية من خلال فريضة الصيام تربية ذات أثر إيجابي في الفرد والمجتمع.فما أروعها من فرصة للمسلم كي يغير من نفسه ويرتقي بها، للوصول إلى الهدف المنشودفي إصلاح النفس وتربيتها وتزكيتها. لأن المسلم من خلال .تلك العبادة يكون قد عايش عناصر العملية التربوية كاملة من استعداد نفسي وبيئة صالحة ويكون أيضا قد تفاعل معها وتأثر بها، وبالتالي كان ولا بد أن يظهر الأثر بعد إتمام شهر رمضان في شخصية المسلم فيعينه الله في إحداث هذا التغيير الشامل في النفس (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)محمد: 17 .فإن إصلاح العباد لا يأتي من طريق التشدد في الأحكام ولكن يأتي عن طريق إصلاح تربيتهم وقلوبهم وإحياء شعور التقوى في أرواحهم.وإذا صح التشديد في أحكام المعاملات عند فساد الناس كعلاج رادع وسد للذرائع.فإن الأمر في الشرائع التعبدية يختلف إذ هي حساب بين العبد وربه لا تتعلق به مصالح العباد يفرضها الحق على الناس ليطهرهم بها تطهيرا.