10 سبتمبر 2025

تسجيل

مجلة العربي.. ماض وواقع وتحديات

01 يوليو 2024

بين يدي الآن العدد الأخير من مجلة العربي. كدت أكتب «مجلة العربي الكويتية الشهيرة»، ولكن من الذي لا يعرف هذه المجلة بتلك الصفات دائما باعتبارها رسالة الكويت الثقافية والإعلامية الى الناطقين بالعربية؟ يكفي أن نقول مجلة العربي ليعرف الجميع تلك المجلة التي كانت دائما سيدة المجلات وحلم الكتاب العرب في النشر على صفحاتها. أتصفحها بفيض من الحنين المتزايد لهذه المجلة العريقة. ورغم أنني ما زلت أقرؤها بانتظام منذ عقود طويلة من الزمن، إلا أن حنين السنوات الأخيرة تجاه هذه المجلة يتزايد عددا بعد آخر وسنة بعد أخرى. في كل بلد عربي أذهب إليه وتأتي سيرة الثقافة في الكويت يكون للعربي نصيب الأسد من الحديث. وما زال قراء تلك المجلة يعرفون الكويت من خلالها باعتبارها الصورة المبكرة لكويت الثقافة والصحافة والفن والأدب. تغيرت أشياء كثيرة في المجلة لكنها ما زالت محافظة على سمتها القديم في ظل التغيرات التي عصفت بكل شيء تقريبا. منذ صدور عددها الأول في نهاية عام 1953، احتلت هذه المجلة مكانتها المرموقة كأحد أبرز منابر الثقافة العربية، بمحتواها الفكري الرفيع، حيث أصبح لكل قارئ عربي ذكرياته الخاصة معها. اكتشفت هذا عن قرب عندما أصبحت كاتبة لإحدى زواياها الشهرية بانتظام لسنوات طويلة. يومها كانت تصلني رسائل بريدية على عنوان المجلة من مختلف البلدان العربية بل والإسلامية أيضا. كانت دائما هناك مفاجآت وحكايات وقصص وذكريات في تلك الرسائل، وكلها تشير الى مكانة تلك المجلة في الوجدان الثقافي العربي، مما يجعلني أشفق دائما على فريقها الحالي وهو يواجه تحديات جديدة بعد أن ماتت معظم المجلات العربية وما تبقى منها يواجه مصيره بقسوة. لكن العربي ما زالت تصل إلى يد القارئ كل شهر بانتظام، وما زالت تجد قارئها بانتظارها حتى يعيش واقعا صحفيا جديدا بعيدا عن الورق. في العدد الأخير من المجلة (يونيو 2024)، والذي تصفحته الآن أرى على الغلاف عنوان خبر يشير الى أن ملتقى الفجيرة الإعلامي كرم المجلة، وهو ما يعني أن المجلة ما زالت قادرة على استقطاب من يراها بعين الاهتمام الثقافي ويحترم دورها الكبير في خدمة الثقافة العربية طوال مسيرتها التي تتجاوز ستة عقود. وفي الغلاف أيضا عنوان حديث الشهر لرئيس التحرير الأستاذ إبراهيم المليفي، وهو أحد أشهر ابواب المجلة منذ صدورها حتى الآن؛ «الذكاء الاصطناعي.. رهانات ضخمة وتحديات جادة»، ومن الواضح أن المجلة تنتبه لتلك التحديات باعتبارها أهم ما يواجه وجودها ووجود الصحافة الورقية ككل، ولهذا يبدو أنها استعدت لمستقبلها بمحاولة لاستثمار تلك التحديات، فكثيرون الآن يطلعون على محتويات المجلة عبر بوابتها الإلكترونية على الإنترنت، مما ساهم في توسيع رقعة قرائها وتقليل عدد نسخها المطبوعة ورقيا. لكن التحديات أكثر من ذلك وأضخم وأصعب، وهي لا تواجه مجلة العربي وحدها بل تواجه كل المطبوعات الشهرية والأسبوعية واليومية أيضا. وعدد كبير من تلك المطبوعات أدركه الموت إذ لم يستطع مواكبة التغير السريع في العقدين الأخيرين تحديدًا، وبالتالي لابد من حلول أخرى تحافظ على مكانة تلك المجلة وتضمن أن تبقي مستواها في مكانته الرفيعة حتى وإن تغيرت الوسيلة من الورق الى الحلول الرقمية السائدة حاليا. وأنا واثقة أن فريق المجلة الحالي، بقيادة رئيس التحرير، قادر إن شاء الله تعالى على قراءة الواقع والتعامل معه بشأن واقع العربي ومستقبلها القريب على الأقل بما يحفظ لنا مجلتنا ويضمن استمرارها ورقيا وتقنيا أيضا. المهم أنها لن تتنازل عن محتواها الرفيع.