11 سبتمبر 2025

تسجيل

رفيق بالناس

01 يوليو 2015

لقد أراد الإسلام لأبنائه أن يغشوا المجتمعات وهم شامات مشتهاة ،لا مناظر مؤذية تقتحمها الأعين وتصد عنها النفوس ،فليس من الإسلام في شيء أن يتناسى الإنسان مظهره إلى درجة الإهمال المزري بصاحبه بدعوى أن ذلك من الزهد والتواضع ،فرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد الزهاد والمتواضعين كان يلبس اللباس الحسن ويتجمل لأهله وأصحابه ،ويرى في هذا التجمل وحسن الهندام إظهارا لنعمة الله عليه إن الله يجب أن يرى أثر نعمته على عبده ويوصي الإسلام بأن يكون المرء حسن المنظر كريم الهيئة ،وقد ألحق هذا الخلق بآداب الصلاة وعند الذهاب للمسجد وعند مقابلة الأهل والأحباب مما يشيع المحبة والقبول بين الناس، فالإنسان هو المستخلف في هذه الأرض لتعميرها فهو يعمرها بالخير ويهدمها بالشر، لذا ينبغي عليه أن يعلم أن الله جعل له في أيام دهره نفحات وأمره بالتعرض لها لعل يصيب أحدنا نفحة فتكون سببا لسعادة البشرية لما يعود النفع على الفرد والمجتمع وهذه الأيام المباركة أيام شهر رمضان والتي نتعلم من خلالها الخلق الكريم.فالمسلم الحق يتصف بالخلق الحسن تأسيا بالنبي الله صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن كما أجابت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه، وقد مدحه الله سبحانه وتعالى في قوله : (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم :4 ،فالمسلم الصادق التقي الخلوق مهذب دمث مرهف الشعور لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي به الناس ،بل تجده رفيقا بإخوانه ولا يقصر في حق أحد ،فإن ربط البواعث الخلقية بالإيمان بالله ,يميز الإنسان المسلم عن غيره بالإخلاص العميق في الأخلاق التي يتصف بها وبثبات هذه الأخلاق وديمومتها فيه، مهما تقلبت الأيام وتغيرت الأحوال ,ذلك بأنها صادرة عن وجدان حي مرهف يستحيي من الخلق السيئ ويجتنبه ويعلم أن الله عز وجل مطلع على الخفي من الأسرار فيستحيي منه قبل حيائه من الناس المطلعين على الظاهر من أخباره ،وهذا الحياء من الله هو مفرق الطريق بين أخلاق المسلم وأخلاق غير المسلم ،وذلك لأن الإنسان الحق الخلوق لطيف متأن رفيق بالناس حين يحسن اللطف ويستحب الرفق وتحمد الأخلاق وذلك لأن اللطف والرفق خصال حميدة يحبها الله في عباده المؤمنين ،لأنها تكسب من تحلى بها دماثة الخلق ورقة الجانب وحسن العشرة وتجعله قريبا من نفوس الناس محببا إلى قلوبهم ،ولقد جاءت النصوص متضافرة متتابعة تحبب في الرفق وتحض عليه وتؤكد أنه خلق عال وينبغي أن يسود مجتمع المسلمين ويتصف به كل مسلم عاش في هذا المجتمع ووعى أحكام دينه واستنار بهديه المضيء، وعلى المرء أن يعلم أن الرفق من صفات الله تعالى العليا التي أحبها لعباده في الأمور كلها ،فإن الله رفيق في الأمر كله وإنه لخلق عظيم يثيب الله عليه من عطائه الجزيل ما لا يثيبه على خلق آخر يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه ويشيد الهدي النبوي العالي بالرفق ،فيجعله زينة كل شيء فما حل في شيء إلا زانه وحببه إلى النفوس والأبصار، وما نزع من شيء إلا شانه ونفر منه القلوب والأرواح ،وكان الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه يعلم المسلمين الرفق في معاملة الناس ,ويسددهم إلى التصرف اللبق الأمثل الذي يليق بالمسلم الداعية إلى دين الله الرحيم الرفيق بالعباد مهما كان الموقف مثيرا للحفائظ داعيا للغضب والاشمئزاز ،فبالرفق والتيسير تفتح مغاليق القلوب ويدعى الناس إلى الحق لا بالعنف والتعسير ومن هنا كان من هدي الرسول الكريم في مثل هذه الأمور بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا وذلك لأن الناس ينفرون بطبائعهم من الخشونة والعنف ويألفون اللين والرفق.