17 سبتمبر 2025
تسجيلعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) رواه الترمذي. قال ابن رجب الحنبلي هذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب. وقال: هو أحد أربعة أحاديث عليها جماع الخير وأزمته - أي زمام الخير - دليل الخير. وكذلك حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، وحديث من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. وحديث: لا تغضب. وحديث: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.ومعنى الحديث: أن من حسن إسلامه ترك ما لا يعنيه من قول وفعل (يعنيه) أي الذي تتعلق به عنايته ويكون من مقصده ومطلوبه.فتترك ما لا يعنيك لا بحكم الهوى ولكن بحكم الإسلام وتعرض عما لا يخصك أو يضرك من الأقوال والأفعال.ـ وتقبل وتتعلق عنايتك بما يعنيك ويخصك مما افترض الله تعالى فتفعل الواجبات وتحذر المحرمات وتتقي الشبهات والمكروهات وفضول المباحات التي لا تحتاج إليها.ـ فيأتين الإسلام الذي هو أركانه الخمسة، والإيمان الذي هو الأركان الستة، والإحسان الذي هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.والمعنى أنه إذا حسن إسلامك فلا تتعلق عنايتك إلا بما يجلب لك خير الدنيا والآخرة.وإذا كمل إسلام الإنسان فقد حسن إسلامه، وأكبر ما يراد بترك ما لا يعني هو حفظ اللسان من اللغو في الكلام ففي الحديث عند أحمد (إن من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه)، والعاقل له أربع ساعات: ساعة يناجي بها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها لراحته ومأكله ومشربه.هل الكلام من العمل؟ يعني مما يسأل عنه الإنسان ويعاقب عليه؟ نعم الكلام من العمل المسؤول عنه المكافئ عليه أو المؤاخذ عليه.يقول رسول الله لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ. وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَو قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ينزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب).وقال أبوهريرة رضي الله عنه: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم، إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل، وتؤذي جيرانها بلسانها. قال: لا خير فيها هي في النار. وأكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلاماً فيما لا يعنيهم. يقول الحسن البصري: من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه خذلاناً من الله عز وجل.