26 أكتوبر 2025

تسجيل

صفاء النية

01 يونيو 2016

أو نميمة أو كذب أو وقيعة، بل لا يحملون في قلوبهم إلا المحبة والخير والرحمة والإحسان والعطف والإكرام، ولا يتلفظون بألسنتهم إلا بالكلمات النافعة والأقوال المفيدة والدعوات الصادقة وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) فنعتهم ربهم بخصلتين عظيمتين وخلَّتين كريمتين إحداهما تتعلق باللسان فليس في ألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين إلا النصح والدعاء (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَان)، والخصلة الثانية متعلقة بالقلب، فقلوبهم سليمة تجاه إخوانهم، ليس فيها غل أو حسد أو حقد أو ضغينة أو نحو ذلك. إن سلامة الصدر واللسان من أوضح الدلائل وأصدق البراهين على تمام الإيمان وكماله، لقد كان السبب الأعظم لسلامة صدور هؤلاء الأخيار وألسنتهم هو قوة صلتهم بالله وشدة رضاهم عنه وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا، وكلما كان العبد أشد رضا كان قلبه أسلم فسلامة الصدر راحة في الدنيا وأنس وطمأنينة، وثوابه في الآخرة من أحسن الثواب، وغنيمته أكبر غنيمة.وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أدعية كثيرة أُثِرت عنه سؤال الله هداية القلب وسلامته وثباته والواجب على كل مسلم أن يجاهد نفسه مجاهدة تامة في استصلاح قلبه وتزكية فؤاده وتنقيته من الإرادات السافلة والشهوات الدنيئة والغايات المنحطَّة، ويصبر على ذلك في حياته ليلقى الله بقلب سليم ومن الأدعية العظيمة النافعة في باب سلامة الصدر واللسان: ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ ؟ قَالَ (قُلْ اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ) فقد تضمن هذا الحديث العظيم الاستعاذة بالله من الشر وأسبابه وغايته؛ فإن الشر كله إمَّا أن يصدر من النفس أو من الشيطان فاستعاذ بالله منهما في قوله (أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ). وغاية الشر إما أن تعود على العامل نفسه أو على أخيه المسلم، وفي هذا الحديث الاستعاذة من ذلك (وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ) فتضمن هذا الحديث الاستعاذة من مصدري الشر اللذين يصدر عنهما، وغايتيْه اللتين يصل إليهما؛ فلله ما أكمله من دعاء وما أجمل مقاصده وأروع دلالته، وما أجمل أن يوظفه المسلم في أذكار صباحه ومسائه وعند نومه كما أرشد إلى ذلك الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه.