31 أكتوبر 2025
تسجيلعمليات الرمادي التي أعقبت سيطرة تنظيم الدولة على مركز تلك المحافظة ونتيجة لعوامل وأسباب التعبئة الطائفية السقيمة، خلقت شعورا عارما في العراق بهيمنة الأحزاب الطائفية بمرجعياتها الإيرانية محولة حكومة حيدر العبادي لظلال باهتة بالمطلق ولحالة بائسة لسلطة لا تمتلك قرارا ولم يعد بيدها إدارة أوراق الصراع بطريقة منهجية تؤسس لسلطة الدولة وتدعم حالة السلم الأهلي المتداعية والتي وصلت لأوضاع بائسة تؤشر على مستقبل بائس وواقع سيئ للعملية السياسية المتهاوية، لقد كان لافتا للنظر أن تتطاول سلطة الميليشيات على سلطة الدولة وأن تكون قياداتها العسكرية الميلشياوية المرتبطة بمرجعياتها الإيرانية هي من تقود وتقرر صفحات إدارة الصراع بطريقة طائفية فجة لا تصب أبداً في مجرى تعزيز الدولة الوطنية الجامعة المانعة، بل تأسيس دول الطوائف والملل والنحل والعصابات البائسة التي تحركها الخرافة، وتسيرها الأهواء الطائفية الضيقة، لقد قررت الميليشيات استعمال الأدوات الدينية والمذهبية في حل النزاعات، ولجأت للزج بأسماء الأئمة الكرام في معارك ومواقع لا تليق بها أبداً ومنها رفعها لشعار (لبيك يا حسين) كرمز كودي لعملية استعادة السيطرة على الرمادي، وهو تصرف غير لائق يمكن تفسيره بطريقة بشعة وبما يعمق الأحقاد ويسيل الدماء ويضرب أسس الوحدة الوطنية، فالإمام الحسين ليس مجرد اسم عابر، بل إنه قيمة إسلامية وحضارية لا يجوز أبداً الزج به في متبنيات صراعات دموية، وقد أعرب الحليف الأمريكي عن امتعاضه من تلك التسمية الكودية، مؤكداً أنه أسلوب غير مناسب أبداً وهو الأمر الذي شاركهم فيه حتى أطراف من الحشد الطائفي، مثل جماعة مقتدى الصدر والحكومة العراقية التي تدخلت لتفرض اسما جديدا هو (لبيك يا عراق)، وهي التسمية التي لم تعترف بها القيادات الطائفية، بل إنه حتى أحد القيادات الخلفية التعبانة مثل موفق الربيعي مستشار الأمن القومي الفاشل السابق احتج على تبديل الشعار ملوحا باستعارات طائفية مريضة تعبر عن منهج طائفي بغيض، القضية الأساسية في الموضوع ليست تلبية نداء الأئمة والصالحين، بقدر ما هو أمر تلبية نداء البيعة المباشرة لإيران ونظامها وقيادتها وحرسها الثوري التي باتت تسير الجموع وتحشد العناصر وترسل الصواريخ وتجهز الجيوش وتتلاعب بالأمن والسلام الأهلي وتحول العراق لساحة معركة ولخط دفاعي أول لتعزيز خطوط وحظوظ أمنها القومي المستند أساسا لنظرية تبشيرية كبرى تضع العراق وبقية دول المنطقة تحت سطوتها المباشرة ضمن إطار طائفي محض ممتد لأكثر من ثلاثة عقود دموية سوداء من زمن إدارة الصراع الإقليمي، (لبيك يا إيران) هو شعار الميليشيات العراقية المركزي في هذه المرحلة من المعارك وحيث تهاوت قدرات الجيش العراقي بسبب تراكم عمليات الفساد والبناء الخاطئ للدولة ومؤسساتها التي أضحت مهلهلة بالكامل ومفلسة بالمطلق وعاجزة بشكل مفضوح لدرجة أن صبية ومراهقين ومطلوبين للعدالة الدولية باتوا هم من يقرر مسار وشكل تأزيم الموقف المتأزم أصلا.إيران باتت اليوم هي اللاعب الأقوى فهي من يقرر من يتصدر المشهد، وهي التي تضفي البركة على من تشاء من المسؤولين، وهي التي تؤسس وتخطط لانهيار الجيش العراقي ولإحلال الميليشيات العميلة والطائفية الرثة كبديل ضمن هدف تأسيس الحرس الثوري العراقي وتحت ذريعة محاربة الجماعات الإرهابية بينما تشكل جماعات إرهابية وعصابات من السوقة واللصوص تجاوزت أعدادها العشرات، بل إنها تصنع وتصدر شعارات التأزيم وحفر الخنادق الدموية الطائفية لأهداف إستراتيجية واضحة لم تعد خافية على أحد إلا الأطراف العاملة ضمن ذلك المشروع الإيراني الطموح والخطير والذي تكاملت أركانه بعد اثني عشر عاما من الاحتلال التدميري الذي هشم جهاز المناعة الوطنية وجلب أحزابا عميلة تاريخيا باتت تتحكم بزوايا المشهد العراقي البائس.. لن يخضع أحرار العراق أبداً لمنطق (لبيك يا إيران).. وسينهض المارد العراقي لا محالة لإفشال المؤامرة.. مهما تعددت أشكال وأساليب الدجل والخديعة.