19 سبتمبر 2025

تسجيل

شعبان شهر الزرع

01 يونيو 2014

شهر كريم أظلَّنا فأهاج مشاعر الهداية والإيمان وهتف بنا إلى الطاعة والعبادة والإحسان شهر شعبان، فهو تقدمةٌ لشهر رمضان المبارك وتمرينٌ على الصيام والقيام وصالح الأعمال؛ حتى نتذوق لذَّة القرب من الله تعالى، فإذا أقبل شهر رمضان أقبلنا عليه بهمَّة عالية ونفس مشتاقة للطاعة. وقد سمي شعبان بهذا الاسم لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل تشعبهم في الغارات، وقيل لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان.ولنا مع هذا الشهر المبارك وقفات ننظر فيها حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال سلف الأمة الصالح الذين أمرنا بالاقتداء بهم مع ذكر بعض فضائله وأحكامه. فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: (ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم). ومن شدة محافظته صلى الله عليه وسلم على الصوم في شعبان أن أزواجه رضي الله عنهن، كن يقلن أنه يصوم شعبان كله، مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شهر غير رمضان، فهذه عائشة رضي الله عنها وعن أبيها تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان.وذكر أهل العلم حكما في تفضيل التطوع بالصيام في شعبان على غيره من الشهور: منها: أن أفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان لقربه منه وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها فيلتحق بالفرائض في الفضل. وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن، قال أبوبكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان، فكيف يريد أن يحصد في رمضان، وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان إن كنت تريد رمضان، هذا حال نبينا وحال سلف الأمة الصالحين في هذا الشهر المبارك، فما هو موقعك "أنت" من هذه الأعمال والدرجات.وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن).فلنغتنم هذا الشهر المبارك ولنهيئ أنفسنا لاستقبال شهر رمضان المبارك بالعبادة والإخلاص الى الله، فكما نشتاق إلى أن نأخذ عطلة ونسافر بعيدا لنستجم وترتاح أجسادنا من التعب والعمل، كذلك أرواحنا تحتاج الى شحن طاقاتنا، وشحذ الهمم، فلا نستطيع أن نستقبل شهر رمضان المبارك بالطاعة مرة واحدة، يجب أن نستعد ونهيئ أنفسنا لدخول شهررمضان بحسن العبادة والنقاء وتفريغ السلبيات في شهر شعبان المبارك، لكي نحسن العبادة في شهر البركة شهر رمضان المبارك، فلسنتعد ولنبدأ بالصيام والذكر وتلاوة القرأن لنتقرب الى الله العفو الغفور ولنقتدي بخير الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين