11 سبتمبر 2025

تسجيل

تنوع البيئة "2 — 2"

01 يونيو 2011

والطيور في الصحاري أقل معاناة من سواها، فبمقدورها الطيران مسافات شاسعة بحثاً عن الماء. وتستطيع الطيور الكبار كالبزاة والشواهين التنعم بجو بارد أثناء تحليقها عالياً ساعات في طبقات الهواء البارد فوق الصحراء. أما الطيور الأصغر فتلجأ خلال الجزء الأشد حرارة من النهار إلى موقع ظليل بين الصخور. والقليل من طيور الصحاري كالبوم والسبد ليلي النشاط، ويستخدم طائر القطا، الذي يبني أعشاشه بعيداً عن الماء في العادة، وسيلة فريدة في تزويد صغاره بالماء - إذ يجمع ذكر القطا قطرات الماء في ريش صدره ثم ينطق بها إلى العش ليستقيها صغاره وتعتبر الزواحف - الأفاعي والعظايا - من حيوانات الصحاري المألوفة. وجميعها من ذوات الدم البارد، أي ان درجة حرارتها تتأثر بدرجة حرارة بيئتها. وعلى هذا فقد تزيد سخونة أجسادها عنها في أجسام ذوات الدم الحار. لكنها لن تعيش طويلاً ان زادت درجة حرارة الجسم فيها على 48 درجة مئوية، وفي الصباح تصطلي الزواحف بحرارة الشمس لتنشط استعداداً للتصيد. وهي إذا احتدمت الشمس تستذري تحت صخرة أو تنحجر في الرمل، فلا تخرج إلا حوالي الغروب. ان درجة حرارة السطح في الصحاري ترتفع كثيراً خلال النهار حتى ليتعذر السير فوقه. لكن بعض الزواحف طورت أساليب سير تعبر بها السطح الحار دون أن تسفع أجسادها. فتستطيع السير على قائمتين، رافعة الأخريين في الهواء مبادلة. كما ان بعض الأفاعي الصحراوية، كالصل الأقرن، يتلوى جانبياً في سيره كالسوط بحيث لا يمس السطح الساخن إلا موضعان من جسده فقط. وعن علاقة الانسان بالصحراء: ان المناطق الصحراوية يصعب العمران فيها إلا ان بعض الناس تأقلموا على الحياة تحت الحرارة المستمرة والجفاف الدائم ففي امريكا الشمالية يستعمل السكان في المناطق الصحراوية وهم من الهنود والمكسيكيين اللبن والطين لبناء بيوتهم فتمنع حرارة القيظ. وكذلك يفعل سكان المناطق القاحلة في شبة الجزيرة العربية سكانها تأقلموا على الظروف القاسية ويطلق عليهم في الوطن العربي البدو. ومعظم سكان الصحراء في افريقيا واسيا رعاة يتنقلون من مكان لآخر بحثا عن الماء والكلأ للماشية ويسكنون الخيام ويلفون أجسامهم في ثياب طويلة تقيهم حرارة الشمس المحرقة ولفحات الزوابع الرملية. وفي مناطق صحراوية أخرى أصبح الناس يستعملون أجهزة التكييف في بيوتهم ويعتمدون على حفر الابار للسقي مما سهل عليهم تحمل الحياة في البيئة الصحراوية. وأخيرا: ان الصحراء بيئة قاسية فإن على كائناتها الحية - من نبات وحيوان - الكفاح من أجل البقاء. فالحيوان الصحراوي لن يضيع فرصة للحصول على طعام، وقد يكون من أهم أركان كفاح البقاء لديه أن يتجنب الوقوع فريسة لسواه. وتعمل الطبيعة على استبقاء الكائنات "الحيوانات أو النباتات" الأقوى والأكثر تواؤماً مع البيئة التي فيها. ويعرف هذا بالانتخاب الطبيعي أو بقاء الأصلح - إذ ان الأصلح من هذه الكائنات فقط هو الذي يبقى ويتكاثر. إن قدرة الحيوانات الصحراوية على الاختباء ضرورية لتفادي المفترسات في السلسلة الغذائية. ولعل التمويه - أي محاكاة الحيوان ألوان البيئة من حوله - هو أفضل وسائل الاختباء في الصحراء. فليس غريباً والحالة هذه أن نرى اللون الطبيعي لهذه الحيوانات هو لون الصحراء نفسه. ولعلنا نتذكر قدرة الخالق سبحانه وتعالى الذي أحسن كل شيء خلقه فقدره تقديرا. قال تعالى في سورة طة اية رقم (50) {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } وتفسير علماء الدين لهذه الآية الكريمة بان ربنا الذي منح نعمة الوجود لكل موجود وخلقه على الصورة التي اختارها سبحانه له ووجهة لما خلق. والنظرة العلمية: يرى العلم بنور الايمان ان قدرة الله تعالى وحكمته ورحمته قد أودعت في كل شيء خلقه صفاته الخاصة التي تؤهله لأداء وظيفته التي خلق لها ومن اجلها بصورة مدهشة تجعل الانسان يقر بعظمة الله جل جلالة ووحدانيته فكل مخلوق لم يخلق عبثا وانما خلق ليؤدي الدور الذي أهلته له مقوماته وقدراته واستعداداته.