15 سبتمبر 2025
تسجيلمن إحدى الإعاقات الإدارية، هي الإدارة الصاخبة بالصراخ، والتي تعتبر وسيلة للتسلط والتخويف وتأكيد الهيمنة، كما يروي أحد الموظفين انه يتخيل مسؤوله كل صباح وكأنه تنين صاخب يتنفس الغضب، في دوامة ونوبات صراخ لينقلب يومه طاحناً بالتوبيخ ناهيك عن أن هذه المعركة والزوبعة الطاحنة تؤذي مشاعره وشخصيته امام زملائه بالعمل. الإدارة الصاخبة تشكل بيئة عمل غير صحية تؤثر سلباً على الأداء الوظيفي وتعرقل الجدارات والرفاهية النفسية وتضر بالعلاقات وتكسر التواصل، حيث إن معظم المسؤولين الذين يصرخون ليست لديهم أسباب مقنعة للصراخ وإنما تعود غالباً لمشكلات نفسية لا علاقة لها بالموظف وهو ارتداد لعدم الاستقرار العاطفي بالرغم من أن صراخهم يهدف إلى إظهار القوة والسيطرة في الموقف او قد يكون شكلا من أشكال التخويف، ومهما كانت مؤقتة فان نتائجها ليست صالحة وتؤثر على معنوية الموظف واصابته بالاكتئاب والقلق، لتقل الإنتاجية والولاء وتفسد الثقافة الراسخة وينتهي السيناريو إلى ارتفاع معدل التغيب عن العمل ودوران الموظفين. وإن كان المسؤول بصراخه يتأقلم ويتكيف، فهو يحتاج وسيلة لتنظيم عواطفه وليس الاندفاع العاطفي للتعامل مع الحياة والموظفين، لأنه يكون مزعجاً مرتبكاً فاقداً التوازن وزمام السيطرة، ويفتقر مهارات التأقلم المناسبة لاستعادة الشعور بالسيطرة على الموقف، لذلك يلجأ إلى الصراخ من أجل الشعور بأنه مسيطر، وكل هذا مؤذ على المدى الطويل لأن الصراخ ليس بالحل النهائي للمشكلات بل هو حل استباقي عندما يشعر بالتهديد والخطر وأنه على خطأ، وهذا المسؤول السام لا يتقبله الموظفون لأنهم سيفتقرون للبيئة الصحية الهادئة المفعمة بالحيوية والود والإيجابية فمن الواجب أن يكون عاطفيا يميل الى التفهم والنضج ليتقبله الجميع شريطة ألا يميل هذا التصرف الى التصعيد لنتائج أسوأ فالموظف غير مسؤول عن نوبات وشحنات غضب المسؤول وأموره الخاصة التي تجعل المكان وكأنه ساحة ألغام. وإذا كان الصراخ مستمرا، على الموظف ألا يتجاوب بل يتصرف بعقلانية ويستمر بعمله دون تأثير الصراخ عليه لكيلا ينفجر المكان وينقلب رأساً على عقب وتكون النتائج غير مرضية، علاوة على احترام بروتوكول بيئة العمل والعملاء. ندرك صعوبة الأمر والمشاعر وردة الفعل ولكن كن الارقى بثباتك وتجنب الرد على الصراخ لتشعل المكان، تذكر بأن تجنبك لا يعني علاج المشكلة، فإذا هدأت العاصفة، اذهب الى مسؤولك وتكلم معه بهدوء عما حصل لتبرز وجهة نظرك وترجع ثقته بنفسه ليشعر بأن ما نثره من شظايا النار كان مسموعاً فالسكوت ليس هو الحل، وإن كان ضغط مديرك وهو يصرخ عليك يؤثر على صحتك، أو يجعل من الصعب عليك النوم، أو يسبب لك التوتر خارج أسوار المكتب، فمن الأفضل لك أن تبحث عن طرق الراحة، إما بالنقل أو عمل جديد. نتساءل، هل الصراخ اليومي دلالة لأسباب نفسية أو شخصية أو مرضية؟ هناك مسؤول يصرخ ولكنه عاطفي ويفتقد عنصر ضبط النفس والصبر والتروي في الاستماع وهذا يمكن السيطرة عليه، وهناك مسؤول بالواقع شخصية استبدادية ولا يحب ان يشكك أي أحد في مهامه او ما يقوم به وهذا هو "الجبان"، اتبع معه أسلوب الحوار وطرح الأسئلة للوصول الى ما تريد، بينما هناك مسؤول يستلذ بالصراخ والاستهزاء بالآخرين دون توجس أو كلل وهذا النوع يجب أن يعالج او يتم الاستغناء عنه. جهات العمل، تعمل بجد ونشاط على تعزيز البهجة والايجابية في بيئة العمل وتحفز موظفيها على احتضان المشاكل ومعالجتها وإذا تفاقم الأمر فهناك إدارة خاصة تتولى تلك الحالات، وقد تكون لدى الموظف ثقافة تقبل الصراخ ولكن ليس الصراخ الدائم، بل يعتمد على المناسبة او الحالة إذ إن الصراخ يعتبر ضارا نفسياً ويولد الكراهية ويؤكد على بيئة العمل السامة. نصيحة، إن كنت مسؤولاً صارماً نهجك الصراخ.. لا تعتقد بهذا النهج ستحسّن الأداء وتحقق نتائج أفضل، بل حتى مقعدك سيتخلى عنك.