15 سبتمبر 2025
تسجيلبعد أن انتهينا من الروتين الجميل الذي عشناه خلال هذا الشهر الفضيل، يبقى أن نحدد ما هي العادات الجديدة التي اكتسبناها، وما هو عزمنا على الاستمرار في تلك العادات سواء الاجتماعية منها أو التعبدية أو النفسية، وحتى العادات الاقتصادية. كي نحتفظ بهذه السلوكيات يجب علينا تحديد العمود الفقري لتلك العادات، والتي تمر بأربع مراحل. المرحلة الأولى: هي مرحلة الاستثارة أو التنبيه ؛ فدخول رمضان بحد ذاته كان جرس انذار قويا للإقلاع عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى، كما أن صلاة التراويح هي منبه خارجي بأن هذه الليالي مختلفة عن ليالي العام، وكما أن مدفع الإفطار وتناول وجبة الفطور هي محفز للشعور بباقي المسلمين في كل بقاع العالم. المرحلة الثانية: هي العيش في رغبة شديدة نحو تحقيق شيء ما. فهذه تعتبر القوة الدافعة وراء بناء سلوكك الجديد. فالمدخن مثلا لا يرغب لتدخين السيجارة لذاتها إنما لكي يشعر بالراحة التي توفرها له، كما أن المتابع للمسلسلات التلفزيونية لا يريد تشغيل التلفزيون بذاته، وإنما يريد أن يكون مستمتعا. وكذلك أيضا السلوكيات الجديدة عند التزاور بين المجالس في أمسيات رمضان ليس لقضاء وقت في المجلس وحسب وإنما لتحقيق الأنس بالتواصل مع الأقارب والأصحاب. والمتصدق بأمواله أو المنفق زكاته فهو يصرفها ليحقق أمرا دينيا وركنا شرعيا. وتختلف الرغبة في شدتها من شخص لآخر ؛ فهناك من يبكي من سماع أول آية يقرأها الإمام في صلاة التراويح والتهجد ( القيام ) وهناك في الطرف الآخر من يسمع الصخب والموسيقى وكأنه لا يسمع إلا همسا. لأن الأفكار والمشاعر والعواطف هي التي تحول الإشارات أو المنبهات الخارجية إلى رغبة في التغيير. الخطوة الثالثة هي الاستجابة، والتي تتحول خلالها تلك المثيرات والحوافز الى سلوك عن قناعة وممارسة مؤكدة. فالعزم على أداء العبادات في أوقاتها وفي المسجد والحرص على ختم القرآن والالحاح في معرفة حصة الزكاة المفروضة عليك والتأكد من أنك واصلت أغلب إن لم يكن كل معارفك وأرحامك خلال هذا الشهر، كل هذه السلوكيات أنت تقوم بها لأنك كونت قناعة أكيدة بأهميتها في هذه الفترة الزمنية من السنة. ويرتبط بهذه الخطوة القدرة. فقد يرغب أحد العمالة – مثلا - بالتواصل مع أهله في مناطق بعيدة عبر الهاتف الذكي لكنه لا يملك شبكة فعالة أو ثمن اتصال دوليا مباشرا. هنا يتم حبس الاستجابة. ولا يمكن أن تتكون لديه العادة في هذه الحالة. الخطوة الرابعة هي المكافأة التي يتحصل عليها الانسان جراء القيام بالسلوك الجديد. هذا السلوك الصادر عن قناعة وحب وجاء نتيجة مثير، فإن المرجو من نتائجه المكافأة. فابتسامة أبناء ذلك العامل الذي تواصل معهم عبر الاتصال المرئي تعتبر مكافأة معنوية لا تقدر بثمن، وكذلك الرزق الوفير الذي يجنيه المتصدق بعد أن يقوم بالتصدق هو عبارة عن مكافأة ( انفق يا ابن آدم ينفق عليك ) فضلا عن المكافأة النفسية التي يحصل عليها من أتم الصلاة كاملة هي ما يصبو اليه المصلي ( أرحنا بها يا بلال ). في الواقع نحن نطارد المكافآت لأنها تخدم غرضين: ترضينا وتعلمنا. واسأل المعلمين والأمهات عن ذلك !!! وهكذا فالعادات والسلوكيات الجديدة تتكون من تلك المراحل الأربع السابقة، وإذا اختلت إحدى تلك المراحل فلن تتكون العادة. هذه المراحل يمكن أن تكون دليلا لحياة أفضل وأجمل بعد رمضان 2022 في كل عادة نود أن نبنيها في أنفسنا وفي أبنائنا وأصدقائنا. آخر المطاف: ونحن نعيش فرحة العيد قد نحتاج إلى تغيير الروتين وتقليل الضوابط على الأطفال كي نحببهم في شعيرة من شعائر الله. ولا تدع ضبطك وانضباطك وحرصك الزائد تغضب على الأطفال وتصرخ عليهم بقولك: وبعدين معاك ؟ همسة: أسوي المعروف من طيب ذاتي ما همني منهو جحد ما فعلته. دمتم بود. [email protected]