15 سبتمبر 2025

تسجيل

همسات مؤمن

01 مايو 2014

إن الحق سبحانه وتعالى يبتلي البشر ليميز الخبيث من الطيب والصالح من الطالح،فتنزل النكبات والصدمات والناس على قدر قربهم من الله تعالى،فمن الناس ثابت الإيمان يسترجع ويوكل الأمر لله لأنه علم أن الله بيده الأمور فله ما أعطى وله ما أخذ فيصبر ويحتسب وعندها يوفى جزاءه بغير حساب، ومن الناس من يعبد الله على حرف إن أصابه خير أطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على عقبيه خسر الدنيا والاخرة فيتذمر ويضجر ويسخط وينزل عليه غضب من الرحمن وقضاء الله نافذ رغم انفه،فالابتلاءات يرسلها لنا الله عز وجل لكي تكون كفارة لذنوبنا في الدنيا حتى همومنا وجراحنا ما هي إلا هدايا القدر، فلـولا الـهــدى ربنــا واليقـيـن لضاعت زهــور الجـراح سـدى، فالإنسان معلق بين الحياة والموت بشهيق يتردد والحياة في البدء والمنتهى بيد الله وحده، يقضي بما يشاء ويحكم ما يريد بيده الأمر يهب الحياة للأحياء ويسلبها متى يشاء يفعل ما يريد ويحكم بما يكون ولا يكون إلا ما أراد.يقول الله تعالى:(ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما) النساء: 147 لقد تنساب كلمات هذه الآية إلى مسامع الناس بهدوء فتدمع العين وتوقظ في القلب نبضا يحس برحمة الخالق التي وسعت كل شيء، فقد جعل الله الرحمة مائة جزء أنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه، فالحق سبحانه وتعالى جعل للإنسان وقتا محددا وعمرا معدودا، وأمره أن يستغل أوقات عمره في عبادة الخالق سبحانه وتعالى،وإن في انقضاء الأيام ومرور الأعوام عبرة للإنسان بأن هذه الدار فانية وأنها سريعة الانقضاء وقريبة الزوال، فعلينا أن نبادر بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان، وأن نحذر التسويف حتى لا يكون ندم وخسران في يوم لا ينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم فالخالق سبحانه هو أعلم بنا منا وهو مدبر شؤون الكون برحمته بما يحفظ له التوازن وديمومة البقاء فمن رحمة الله عز وجل بنا أننا لا نرى الجراثيم والبكتيريا وإلا لأصبحت حياتنا لا تطاق، ومن رحمة الله بنا أنه لم يجعل كل أعمال المؤمن تنقطع بعد وفاته بل جعل الدعاء والصدقة تصلان ميزان حسناته فتكون له رحمة من الله جل في علاه، ومن رحمة الله عز وجل أنه يرسل لنا رسائل بسيطة المبنى عظيمة المعنى تهز كياننا وتغير مجرى حياتنا من الخطأ إلى الصواب وتوقظ نفوسنا الغافلة،فمن تلك الرسائل موت قريب أو صديق وعندما يحدث حادث أو تسمع خبر مؤثر كلمة نسمعها في محاضرة والكثير الكثير من الرسائل الربانية التي تصلنا فتحدث نقلة نوعية في حياتنا، "فسبحان من أجرى لهاجر زمزم بين الرمال القاحلة وسبحان من ساق الهداية لأهل سبأ من خلال طائر صغير يحمل الرسالة الموجزة التي تكون سببا في هداية القوم، فحياة الإنسان بالنسبة إلى فئة من الناس ارض طيبة تؤتي خير الثمار وبالنسبة إلى فئة أخرى لعب ولهو يورث الندم والضياع، لذلك يتعين على الإنسان أن يشعر بمسؤوليته في نفسه فيتذكر هدي النبي صلى الله عليه وسلم ويتعظ بأيام الله ويغتنمها في التقرب إلي الله بالطاعة والامتثال لأمره ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيزداد إيمانا به وذكرا له وتوكلا عليه ويعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الكون عبثا فيوقن بالبعث وسوف يسأله الله عز وجل عن أعماله وأوقاته فهو يقرأ قوله تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد) المجادلة: 6. يقول ابن القيم رحمه الله: في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها الا الأنس به في خلوته، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار اليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها الا الرضى بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك الى لقائه، فلا تعجب إذا عذبت بذنبك في الدنيا، فمرضت في بدنك أو ابتليت في ولدك أو خسرت في تجارتك أو ضاق عليك رزقك أو كثر عليك البلاء ولم يستجب منك الدعاء فتتابعت عليك المصائب وأحاطت بك المتاعب، فما من يوم ينشق فجره إلا نادى مناد من قبل الحق: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى علمك شهيد فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة، فالأعمار مقدرة والآجال مقسومة وكل واحد منا قد قسم له نصيبه في هذه الحياة.