11 سبتمبر 2025

تسجيل

المتنافسون

01 مايو 2014

الطفلة السورية التي ظهرت في مقطع الفيديو الذي تداوله كثير من الناس وهي تجمع فتات الخبز الملقى على الأرض مع أخوها الصغير وهما يأكلان قطع الخبز الصغيرة التي لا تكاد ترى في ذلك المقطع بينما ينهمكان في جمعها ويأكلان منها وهما يواصلان عملية الجمع والأكل في آن واحد.. هذه الطفلة كانت تقول لمن يصوّرها "الناس بطرانين" أي مسرفين ومستكبرين على النعمة، ثم أكملت مستدلّة على ذلك الإسراف! بلهجتها السورية الجميلة وبعباراتها الطفولية البريئة بأنهما أكلا الكثير ولازال هناك الكثير من بقايا الخبز على الأرض!!هذه الطفلة وأخوها.. بل وسائر أطفال سوريا المشرّدين والمعذّبين في داخل سوريا وخارجها وبقية أطفال العالم الإسلامي من المحرومين من الطعام والأمن واللعب.. ماذا كانت ستقول وهي ترى أكوام الأرز واللحم والخبز والفواكه التي تفيض في مجتمعاتنا وترمى في غالب الأحيان بالقرب من حاويات القمامة في الشوارع وتحديداً بعد الولائم والأعراس لدرجة أن بعض الحاويات تغصّ بتلك البقايا فلا تحتويها حاوية واحدة! هل كانت تلك الطفلة وأخوها ستقول بعد رؤية تلك الأكوام من الطعام بأن "الناس بطرانين أم مجانين أم كافرين! أم ماذا ياترى؟!"إن من يتفقّد أحوال إخواننا اللاجئين السوريين في خارج سوريا المحتلّة من الكيان الصهيوصفوي الغاصب - نسبة إلى إسرائيل وإيران - سيعتصر قلبه ألماً وحزناً على أوضاع إخواننا وأشقائنا في المخيمات والمساكن التي اتخذوها بيتاً لهم رغم أنها لا تمنع مطراً أو ريحاً أو برداً أو شمساً ناهيك عن أنها توفّر الأمن والأمان لهم! فتلك بيوت وخيام مؤقتة أصبحت بالنسبة لهم "نعيماً" إذا ماقورن بالجحيم الذي أذاقهم إيّاه بشار الأسد وأعوانه وأنصاره في إيران وأذنابهم في الخليج، فالأحوال صعبة جداً على أولئك اللاجئين بل قاسية ومؤلمة فما بالنا بأحوال من يعانون من هذا الكيان الغاصب في داخل سوريا!إن من يرى ويشاهد لا كمن يسمع ويقرأ.. فالأوضاع مأساوية مزرية وبالأخص في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن مما يشكّل قنبلة سكّانية يصعب التعامل معها حيث نحتاج معها لإدارة الأزمات والمآسي التي تمرّ كثيراً على الأمة الإسلامية نتيجة خيانة حكّامها وظلمهم لشعوبهم من جهة وتكالب الأمم عليها من جهة أخرى، فوضع مخيّم الزعتري هو بمثابة ملجأ كبير – عند البعض - أو سجن كبير - لدى الآخرين - يتعامل معه المسؤولون باهتمام أمني متزايد مما ينجم عنه حدوث مضايقات أو افتعال مشكلات نتيجة نقص المواد الغذائية والاحتياجات المعيشية أو نتيجة شغب بعض العناصر الموالية للنظام السوري المجرم – رغم ندرة حدوث ذلك - أو نتيجة الاحتقان الاجتماعي والأمراض النفسية التي لم يسلم منها كبير أو صغير في داخل مخيم الزعتري أو خارجه أو داخل سوريا أو خارجها من جرّاء قتل وتعذيب وتشريد الطاغية بشار الأسد وجنوده لإخواننا من الشعب السوري المسلم.وفي ظل تلك الأزمة كانت مبادرة الإخوة في جمعية قطر الخيرية بعنوان "حملة متنافسون" التي جاءت للتعبير عن دعمهم وتضامنهم ونصرتهم لإخوانهم من اللاجئين السوريين في الأردن في طريقة تنافسية لجمع المزيد من التبرعات كلٌ حسب طريقته واجتهاده في تنافس عظيم لفعل الخير وحصد الأجور نصرة لإخوانهم المظلومين ودعماً لهم ووقوفاً إلى جانبهم وتأييداً لقضيتهم ضد ذلك الكيان المجرم الحاقد.فلا تزال الأمة بخير والحمد لله طالما وجد فيها شباب وفتيات ورجال ونساء يهتمّون بشأن إخوانهم ويتسابقون لنصرتهم ومدّ يد العون لهم حتى وإن كان ذلك العون ضعيفاً وذلك الدعم قليلاً إذا ما قورن بحجم المأساة وعظم الكارثة، فإذا كانت قد نجحت القنوات الفضائية في أن تجعل من بعض شبابنا تافهين يتنافسون في الغناء والرقص والشعر الفاسق والمنافق! فإنه لا يزال الخير في شبابنا وفتياتنا ورجالنا ونسائنا ولا تزال الصحوة الإسلامية قائمة متزايدة رغم تزايد الطغيان وتزايد الآلام والجراح.. لأن الأمة في محنتها..ستظل تتنافس في الخيرات.. فهنيئاً لهم ذلك التنافس.. "وفي ذلك فليتنافس "المتنافسون"".