10 سبتمبر 2025
تسجيلالكويتي كائن انتخابي بامتياز. ينشأ عليها منذ أن يكون طالبا في المدرسة لانتخاب المجلس الطلابي ذهابا الى انتخابات الاتحاد العام لطلبة الكويت، وبعدها تكر سبحة الانتخابات في كل مكان. جمعيات تعاونية وجمعيات نفع عام، ونقابات ومجلس بلدي ومجلس أمة. أما انتخابات مجلس الأمة فهي الأوج والقمة دائما. ولظروف الشهر الفضيل والتزاماتنا الدينية والاجتماعية الضرورية فيه، ولضيق الوقت، على اعتبار أن معظم فعاليتنا وانشطتنا تبدأ في فترة ما بعد صلاة التراويح وحتى منتصف الليل وحسب، لم يتح لي أن أحضر ندوات انتخابية كثيرة، كعادتي، بل اكتفيت بحضور خمس ندوات فقط من أصل عشرات الندوات التي أقامها بعض المرشحين البالغ عددهم 200 مرشح، طوال الأسابيع الثلاثة الأولى من الشهر الكريم. إنها فترة الانتخابات لمجلس الأمة في الكويت، وهذا يعني أنه موسم الندوات، حيث الشغف الكويتي المعروف بمتابعتها ومتابعة كل ما يتعلق بها. ومن الواضح ان هذا الشغف لم تستطع حتى المشاغل المعتادة في الشهر الفضيل أن تحد منه لدى الأكثرية.. ومع هذا فهناك استثناءات! في انتخابات 2023 سجلتُ رقما قياسيا في حضور الندوات تقريبا. كنت أحضر يوميا ندوة أو ندوتين في مناطق مختلفة من الكويت تغطي دوائرها الخمس، ما جعلني أكون فكرة واسعة جدا عن معظم المرشحين، فالندوات وحضورها وما يقال فيها وبعدها يعبر عادة عن توجه المرشح بشكل دقيق، وان كان لا يغني عن وسائل أخرى ينبغي علينا اللجوء إليها إن أردنا تجميع أجزاء الصورة في اللوحة العامة للمرشح. هذا العام تبدو الانتخابات أكثر رشاقة من المعتاد، بأيام أقل ونشاطات موجزة، ومقابلات مختصرة أما الندوات فبقيت على ما هي عليه. بل لعلها شكلت بديلا للأنشطة الاجتماعية في ليالي رمضان ووفرت بيئة مناسبة للحماس الكويتي تجاه ممارسته الديمقراطية المعتادة، والتي هي أول ما يفاخر بها الكويتي أقرانه العرب، والخليجيين تحديدا، عندما يكون الحديث عن السلبيات والمميزات ! ورغم ما يمكن أن يسجل من ملاحظات سلبية على الممارسة الانتخابية في الكويت تبقى متقدمة جدا، ولا نكاد نشهد ممارسة تشبهها في الوطن العربي بذات الزخم وانشغال الناس جميعا فيها. والغريب ان هذا الانشغال لا يقتصر على المواطنين بل انه يمتد ليشمل حتى المقيمين والزوار. ولهذا كله يعد حضور الندوات والمشاركة فيها مؤشرًا مهمًا للتوجهات السياسية السائدة. فخلال هذه الندوات يقدم المرشحون رؤاهم وأفكارهم ويستمعون لمختلف القضايا والاهتمامات التي تشغل المواطنين. وعلى الرغم من أن الندوات لا تعكس بالضرورة كل جوانب الصورة الكاملة للمرشح، إلا أنها تمثل جزءًا مهمًا من العملية الانتخابية وتساهم في تشكيل الرأي العام سياسيا. ويعود الانشغال الكويتي الشامل بالانتخابات إلى عدة عوامل. منها أن الكويت تتمتع بتقاليد ديمقراطية قوية وتاريخ طويل من المشاركة الشعبية في العملية السياسية، والكويتيون يتمتعون بحقوق وحريات مدنية مضمونة قانونًا، مما يشجع المواطنين على المشاركة الفعالة في العملية الانتخابية، مما يسهم في تعزيز المشاركة السياسية وتوسيع نطاق الحوار العام قبل الذهاب إلى الصندوق والتصويت وأثناء ذلك وبعده أيضا. وهو ما يخلق حالة انتخابية عامة يلاحظ كثيرون أنها تتطور باستمرار للأفضل، وهو شأن كل نشاط إنساني يتطور بالممارسة المستمرة. ما زلنا حتى موعد كتابة هذا المقال بانتظار الاستحقاق الانتخابي بنهاية هذا الأسبوع، وبالتالي فالشغف الآن قي أوجه وبرفقه الكثير من الحدة في النقاشات والمزيد من الإشاعات والأكاذيب والقليل من الحقائق كالعادة في كل انتخابات.. لكن الخبرة الكويتية تنجح دائما في تجاوز الهفوات لتصقل ذاتها بنفسها.. لتكون دائما في القمة!