13 سبتمبر 2025

تسجيل

انطباعات عن زيارتي للدوحة

01 أبريل 2024

وصلت هذه المدينة يوم 17 يونيو 2023 قادما من السودان الذي ينزف، في ضيافة ابني الذي يعمل هنا منذ سنوات. ذهبت لصلاة الجمعة مع أحفادي الذين دخلوا المسجد قبلي ولما لم يجدوني خلفهم خرجوا بحثا عني فألفوني أحمل حذائي باحثا عن مكان آمن ادسه فيه فاندهشوا من تصرفي هذا ولفتوا نظري لكمية الاحذية خارج المسجد وهي للامانة ماركات عالمية ليس بينها وبين حذائي الذي ينتمي الى عهد ثمود اي علاقة بل رأيت بعض المصلين يضع جواله داخل حذائه كي لا يسبب له ازعاجا داخل المسجد. عرفت من ساعتها انني في بلد آمن مثل دار أبي سفيان. دهشتي ايضا كانت في الكهرباء التي لا تنقطع واشارات المرور التي تعمل بكفاءة عالية اضافة الى انني وحتى اللحظة لم ار عربة متعطلة في الطريق او خرج الهواء من احدى اطاراتها. وجدت بين ابناء الجالية السودانية العديد من الاصدقاء الذين افتقدتهم زمنا طويلا وهم يعملون هنا في مرافق غاية في الاهمية مثل مستشفى حمد التخصصي وجامعة قطر وقناة الجزيرة الاخبارية ويعود الفضل في ذلك لصديقي الاعلامي عبدالله سيد احمد الذي زاملني في كل مراحل الدراسة حتى الجامعة حيث قام بدعوة معظم اصدقائي بمنزله على مائدة فخمة وكانت ليلة محضورة مشهودة تبادلنا فيها ترحابا وشجنا عتيقا وهنا تذكرت قول الشاعر: فلما قضينا من مني كل حاجة ومسح بالاركان من هو ماسح اخذنا باطراف الاحاديث بيننا وسالت باعناق المطي الاباطح بعد ذلك انهالت علينا الدعوات لحضور العديد من الانشطة حيث بدأت بمحاضرة شيقة للعالم السوداني الدكتور الصديق عمر الصديق عن العلامة عبد الله الطيب وذلك بإحدى قاعات كتارا المدينة الثقافية التي تمد العالم العربي بالجديد والمستظرف من الاداب والفنون والمستجدات الاكاديمية كما هالني جدا التجهيزات والمعينات التي تتمتع بها القاعة من شاشات ومقاعد وثيرة واضاءة. كانت المبادرة الثانية من خريجي جامعة الخرطوم لتكريم بروفيسور يوسف فضل حسن المدير الاسبق لجامعة الخرطوم وكانت هذه الفعالية بقيادة دكتور طارق الهد اختصاصي السكري والغدد بمستشفى حمد والبروفيسور احمد ابو شوك استاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة قطر. اكتظت القاعة بالحضور من طلاب بروف يوسف وقد كانت ليلة يتعذر على الاذهان اسقاطها. يمثل التكريم قلادة في عنق البروفيسور يوسف الذي خدم العلم وفتح مسالك المعرفة لآلاف الطلاب والباحثين. تكريم هذا الرجل هو في الحقيقة تكريم لوطن كامل بكل ثقافاته ومعتقداته. المحطة الثالثة كانت متحف قطر الوطني. بالرغم من انني وبحكم تخصصي قد مررت على الكثير من المتاحف داخل وخارج السودان الا ان متحف قطر شدني بصورة مذهلة الى حسن توزيع مقتنياته بصورة مرتبة تعتمد مبدأ التسلسل الزمني في الحضارات او الثقافات التي سلفت بهذا البلد وكل ذلك بالصوت والصورة علاوة على استخدام التكنولوجيا المعاصرة في نظام العرض والذي يتيح للزائر الإلمام بكل صغيرة وكبيرة بعدة لغات مما يغنيه عن مساعدة اي مرشد كما هو الحال في متاحف العالم. يحتوي العرض الموزع في الصالات على تاريخ وتراث قطر في المساكن والأنشطة التجارية التي يتعلق معظمها بالصيد وجمع اللؤلؤ والاحجار الكريمة وصناعة المراكب والخيام وتبادل المنافع مع بلاد اخرى فيما وراء البحار اضافة الى نوع الحيوانات والنباتات التي توضح لنا نوع الطقس الذي كان سائدا عبر هذه الحقب الزمنية والتي تغطي 250 عاما من الآن. كما تجد ان العرض يغطي بشكل واف نوع الحروب التي خاضها الاسلاف حماية لأرضهم ومكاسبهم وسط عالم مليء بالحروب من اجل الثروات. افتتح هذا المتحف في عام 1975 ميلادية في منزل تعود ملكيته للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني والذي كان مسكنا لعائلته ومقرا للحكومة لمدة 25 عاما. اكتفي بهذا القدر على ان اعدكم بتغطية المناطق الاثرية ودورها التربوي في مقالات قادمة بحول الله.