11 سبتمبر 2025
تسجيللقد مضت ثلاثة شهور من عام 2015، والمحصلة النهائية من تطورات السوق هي عدم قدرة مختلف التوقعات التي صدرت قبل بدء عام 2015 في تقدير توازن السوق الحالي ومعطيات دعم الأسعار، فقد بلغ متوسط أسعار نفط خام برنت خلال الربع الرابع من عام 2014 عند 76.58 دولار للبرميل، وانخفض إلى 53.25 دولار للبرميل خلال الربع الأول من عام 2015، وهذا يمكن أن نعزوه لعدة أمور وفي مقدمتها أن افتراضات تنامي المعروض في سوق النفط لم تتحقق كما كان متوقعاً في السابق، سواء بتعافي إنتاج ليبيا أو العراق، ولعل التطورات الجيوسياسية التي ساعدت في هذه الأجواء بشكل كبير ومازالت، وهي ستكون لاعباً في تجنيب أسعار النفط الهبوط بشكل كبير، حيث إن استمرار التصعيد في مناطق الإنتاج يحفز مخاوف حول إمدادات النفط في السوق وهنا يلعب المضاربون في السوق في دعم تلك الانطباعات في سوق النفط ودعم مسار أسعار النفط.كما أسهم هبوط أسعار النفط في تعافي الاقتصاد العالمي وبوادر تعافٍ للطلب العالمي على النفط، وفي هذا السياق توقعات البيت الاستشاري بيرا قامت بإجراء تعديل على تقديراتها لتنامي الطلب العالمي على النفط خلال عام 2015 ليرتفع من 92.9 مليون برميل يومياً في عام 2014 إلى 94.4 مليون برميل يومياً في عام 2015 أي زيادة مقدارها 1.5 مليون برميل يومياً وتتوقع الدراسة أن ضعف أسعار النفط سيحقق توازن سوق النفط ولكن الأمر يحتاج إلى وقت ليتأثر مستوى الطلب وكذلك مستوى المعروض في سوق النفط، علماً بأن الزيادة السنوية لارتفاع الطلب العالمي على النفط تفوق تلك التي كانت في عام 2014 والتي بلغت 700 ألف برميل يومياً فقط.في مقابل ذلك سجلت الإمدادات من خارج الأوبك ارتفاعاً بمقدار 2.3 مليون برميل يومياً في عام 2014، بينما تأثرت عدة أمور ذات صلة بإمدادات النفط بهبوط أسعار النفط الخام وجاءت التوقعات لحجم ارتفاع الإمدادات من خارج الأوبك عند 600 ألف برميل يومياً زيادة خلال عام 2015 على العام السابق وذلك بسبب إعلان العديد من الحكومات والشركات النفطية خفض الإنفاق الاستثماري في قطاع التنقيب والاستكشاف والإنتاج، والذي تقدره بعض المصادر ومنها البيت الاستشاري سيرا بـ%30 مقارنة بحجم الإنفاق الاستثماري خلال عام 2014، إلى جانب إستراتيجيات أخرى أسهمت في مجملها في هذا الخفض في مقدار الزيادة ووفرت أجواء إيجابية باتجاه توازن السوق ودعم الأسعار، وطبعاً ارتفاع أكثر في الطلب مقابل زيادة أقل في الإمدادات من خارج الأوبك تعني بالضرورة أيضاً أخباراً جيدة لصالح الطلب على نفط الأوبك.بنك كريديت سويس يتوقع أن ينخفض متوسط الزيادة في إنتاج الولايات المتحدة من 1.6 مليون برميل يومياً خلال الربع الرابع من عام 2014، 1.3 مليون برميل يومياً خلال الربع الأول من عام 2015، إلى 920 ألف برميل يوميا خلال الربع الثاني من عام 2015، إلى 640 ألف برميل يوميا خلال الربع الثالث من عام 2015، إلى فقط 350 ألف برميل يومياً خلال الربع الرابع من عام 2015. ولكن هناك توافق بين مختلف المراقبين في السوق أن الربع الثاني يشهد ضعفاً متنامياً منشأه استمرار ارتفاع إنتاج النفط، سواء من العراق أو السعودية أو الأوبك، مقابل ضعف الطلب على النفط نتيجة خروج العديد من المصافي من العمل للصيانة خلال هذه الأشهر وبالتالي يعني بناء كبيرا في المخزون تختلف التقديرات في حجمه ما بين 1.5 – 2 مليون برميل يومياً وهو ما يعني ضغوطا متنامية على الأسعار عن مستوياتها الحالية، ولكن كما هو متوقع فإن التطورات الجيوسياسية في السوق تظل تدعم الأسعار من الهبوط بشكل كبير. وبخصوص ارتفاع المخزون فإن المخزون الأمريكي من النفط الخام قد سجل مستويات كبيرة، كما أن هبوط أسعار النفط وتعميق حالة الكونتانجو لأسعار نفوط الإشارة ضرورة لاستيعاب الفائض ضمن الطاقة التخزينية المتوفرة في مختلف الأسواق وهي تعني ضعف الأسعار الحالية مقابل الأسعار المستقبلية لنفط الإشارة بشكل يغطي تكاليف التخزين ويحقق أرباحا للشركة التي تقوم بالتخزين، ولكن البيت الاستشاري بيرا لا يتوقع أن تهبط أسعار نفط خام برنت ونفط غرب تكساس المتوسط الأمريكي دون 40 دولارا للبرميل خلال الأشهر القادمة.ويتوقع البيت الاستشاري "بيرا" أن يظل متوسط أسعار نفط خام الإشارة برنت حول 50 دولارا للبرميل خلال الربع الثاني من عام 2015، ثم تدور حول 60 دولارا للبرميل خلال الربع الثالث من عام 2015، ثم تدور حول 65 دولارا للبرميل خلال الربع الرابع من عام 2015، وهذا يعبر عن تغير في مزاج السوق في ظل عاملين، بوادر تحسن في معطيات السوق، والتصعيد السياسي في عدد من مناطق إنتاج النفط.لا تشير تطورات الملف النووي إلى تقدم قريب، حيث لا تزال العديد من نقاط الخلاف بين المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والتي لا يوجد توافق حولها وبالتالي هذا يعني استمرار غياب ما يقارب 1 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني عن سوق النفط وهو أمر إيجابي بالنسبة لأسعار النفط.من جهة أخرى تعافى إنتاج نفط ليبيا إلى 500 ألف برميل يومياً خلال شهر مارس 2015، وهو يمثل ارتفاعا عن مستوى الإنتاج لشهر فبراير 2015 عند 200 ألف برميل يومياً، ويضيف إلى سوق النفط 300 ألف برميل يومياً من النفط الخفيف فائق النوعية، بعد تنامي الصادرات من الحريقة والزويتينة.