15 سبتمبر 2025
تسجيلإن من أمراض هذا العصر الذى نعيش فيه هوالإحباط والاكتئاب، فكثير من الناس من اذا جلست معه لو قليلاً من الوقت يشعرك بان الحياة لا معنى لها، وأنها أصبحت لا تطاق، وان مشاكله لا نهاية لها. وعندما تبادره بسؤال مثلا: ألا ترى في الدنيا شيئاً جميلاً!؟، تأتيك الإجابة سريعة وحاسمة لا أرى فيها شيئا جميلا، واقول لهؤلاء الذين لا يرون الجمال: كن جميلا ترَ الوجود جميلا، فالجمال والحقيقة مترادفان؛ فالحقيقة هى الجمال والجمال هو الحقيقة، فكل انسان خلق فى هذه الحياة، خلق ولديه قدرات خاصة به منحه الله عز وجل اياها، وكل واحد منا يستطيع ان يستغل هذه الهبات والمنح الربانيه فى الحياة ليرى الجمال الذى خلقه الله فى كل شيء حولنا.. اقرأ معي هذه السطور لشاعرالقرن الثالث عشر "رومي" يقول: " لقد ولدت وأنت تحمل إمكانات، ولدت بالخير والثقة، ولدت بالمثل والأحلام، ولدت بالعظمة، ولدت بجناحين، انت لم تولد لكي تحبو، فلا تفعل ذلك، انت تملك جناحين، تعلم كيف تستخدمهما وحلق فى الآفاق"، هذا ما أريد أن أقوله: إن الإنسان يستطيع بالعزيمة والارادة أن يحول عالمه، وأن يستغل أعظم ما لديه من طاقات وقدرات لكي يحصل على الجمال والرضا، فلا توجد حياة وردية خالية من المتاعب يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" صدق الله العظيم، ولكن يستطيع الإنسان أن يحول حالته من حياة كئيبة رتيبة الى حياة يملأها التفاؤل، فتخطي العقبات وتذليلها يلزمه جهد، ويلزمه خطوات، وأولى تلك الخطوات هى الا تفكر فيما تفقده فى حياتك، بل فكر فى كل ما تنوي أن تفعله وتحققه فى حياتك دون تشكك او تردد او تفسير، فمثلا: اذا كانت لديك أزمة مالية معينة فلا تقل: اننى لا أملك ما يكفى من المال، ولكن قل: إننى عازم على اكتساب المال وخذ بالاسباب!! فهذه الطريقة الايجابية فى التفكير هى الطريقه التى تؤدى الى النجاح والوصول الى الغايات، اما البكاء والعويل والحسرة والندم فلن يفيد فى شيء!! قرأت منذ يومين قصة مقتبسة من كتاب "سوامى تشايدفيلاساندا" المعروفة باسم "جورومابى" تقول القصة، كان هناك رجل لا يحب أقارب زوجته، لأنهم كانوا يشغلون مساحة كبيرة من منزله. فذهب الى أحد الحكماء ممن كانوا يعيشون فى الجوار، لانه كان قد سمع كثيراً عن حكمته، وقال له: أرجوك افعل شيئاً، انا عاجز عن تحمل أقارب زوجتي، ولم أعد أطيق وجودهم فى البيت. إننى احب زوجتي، ولكن أقاربها لم أعد أتحملهم، إنهم يشغلون مساحة كبيرة من المنزل.. أصبحت أشعر دائماً بأنهم يعترضون طريقي، سأله الحكيم: هل تملك دجاجاً؟، فأجاب الرجل نعم.. إذن ضع كل الدجاج داخل المنزل، فعل الرجل ما طلبه منه الحكيم، ثم عاد إليه ثانية، فسأله الحكيم: هل حلت مشكلتك؟، فأجاب الرجل: كلا بل تفاقمت، هل تملك خرافاً؟، قال: نعم، إذن ضع كل الخراف في البيت، ففعل الرجل كما قال الحكيم، ثم عاد إليه ثانية، فسأله الحكيم: هل حلت مشكلتك؟، كلا لقد ازدادت سوءاً.. هل تملك كلبا؟، نعم أملك العديد من الكلاب. اذن ضعها جميعا داخل المنزل، وأخيرا هرع الرجل الى الحكيم، وقال:لقد جئتك لكى تنجدني، ولكنك أحلت حياتي إلى جحيم، قال له الحكيم: الآن أخرج الدجاج والخراف والكلاب ثانية، عاد الرجل الى منزله، واخرج الحيوانات من المنزل. فوجد أن المنزل قد اتسع واصبح خالياً، فعاد الى الحكيم، وقال له: أشكرك، أشكرك شكراً جزيلاً، لقد حللت كل مشاكلي!! ان ما اراد ان يقوله له الحكيم: إن الإنسان لا يرى النعمة أو الجمال في الأشياء إلا عندما يفتقدها، وأخيراً عزيزي القارئ.. اقترب من الله بسعة صدر وبمحبة وبعقل محب للآخرين، ترى أن الظلام الذى كان يملأ صدرك قد انقشع، وان الضياء قد اناره، وان الحياة التى كنت تكره، فيها الكثير مما يستحق ان نحيا لأجله.. وسلامتكم. [email protected]