19 سبتمبر 2025
تسجيلوسام آخر على صدر قطر حين أراد عديد المشاركين في قمة الويب 2024 من مختلف الجنسيات إهداء هذه القمة العالمية الى فلسطين منادين بتكريس أحدث تكنولوجيات الرقمنة للتعريف بوحشية الاحتلال وتكلم الأمريكي والكندي والبريطاني والياباني بنفس الوعي بمشروعية المقاومة، ويأتي هذا الوسام بعد تحول كأس العالم 2022 الى إحياء روح الحضارة الإسلامية وقيمها وهو ما يؤكد منزلة قطر الرائدة بين الأمم وللتاريخ كانت حالة العرب والمسلمين من 1917 الى السادس من أكتوبر 2023 حالة مستقرة كما يقال في الطب عن مريض يحتضر ولكنه ما يزال يتنفس! حالة لخصها المؤرخ رشيد الخالدي في كتابه القيم (قصة الاستيطان في حرب المائة عام بين إسرائيل والعرب 1917-2017) لخصها الكاتب بحالة الهزيمة العسكرية والحضارية العربية مهما أسبغ العرب عليها من مصطلحات (النكسة) فالحقيقة هي سقوط أوهام القومية العربية بشقيها الناصري والبعثي بسبب تضارب النزعة القومية مع المخطط الأمريكي (بالأحرى الصهيوأمبريالي الذي تم الاتفاق عليه في محطات ما بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية) وهو نفس المخطط الذي صنع عصبة الأمم عام 1919 على انقاض الحرب العالمية الأولى ثم منظمة الأمم المتحدة عام 1946 للتمويه بأن غايتها السلام العالمي لكن الحلفاء المنتصرين لغموا المنظمة بقانون "الفيتو" المعطل لكل قراراتها (بمن فيهم روسيا صديقة العرب!) اليوم ولغاية السادس من أكتوبر 2023 نشاهد لوحة جيوستراتيجية تتفكك فيها دول العرب الى ما يسمى بالدول الوطنية أي في الحقيقة ذات حدود سطرتها وفرضتها على الشرق الأوسط معاهدة (سايكس بيكو..لعام 1916) بعد ما تم القضاء على الرابطة القوية (العروة الوثقى) الجامعة للمسلمين وهي خلافتهم الضامنة لمناعتهم. ولم تبدأ حرب الغرب على الخلافة الإسلامية طبعا مع لورنس العرب في خضم الحرب العالمية الأولى بل تلك كانت محطة من محطاتها إنما يكشف التاريخ أن الكنيسة الأوروبية أعلنت الحرب على المسلمين عام 1095 عندما نادى البابا الفرنسي (يوربان الثاني) من كاتدرائية (كليرمون) الى تجنيد الفرنجة (سكان فرنسا) وسائر الأوروبيين وانطلاق الحملات الصليبية التي دامت قرنين وبدأت بمذبحة بيت المقدس 1099 وانتهت الحملات السبعة بموت ملك فرنسا لويس التاسع الملقب بالقديس لويس عام 1271 في قرطاج مهزوما مدحورا. واليوم بالموازاة مع تفكك الدول العربية تصاعد الى سدة الحكم في أوروبا اليمين العنصري المتطرف الذي تخلى عن العداء التاريخي لليهود ليتحالف مع اليمين الإسرائيلي العنصري في حرب جديدة ضد الإسلام هي في حقيقتها نفس صفقة القرن التي سبق أن تقدم بها ترامب وصهره (جاريد كوشنير) لكل دول الشرق الأوسط عام 2017 وكان أول رافضيها هو صاحب السمو أمير قطر حفظه الله الذي قال حينذاك لكوشنير إن قطر لا توافق إلا على ما يوافق عليه الفلسطينيون! وكان ما كان من 2017 لعام 2021 من أحداث انتقامية باءت بالفشل الذريع. ويوم السابع من أكتوبر 23 فوجئ العالم والعرب وأغلب الفلسطينيين بعملية جريئة تحطم أساطير عقود من الزمان وتثبت أن تحت الرماد اللهيب رد عليها المحتل الغاشم بحرب الإبادة التي مسحت من على وجه الأرض قطاع غزة وأبادت الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى والإطارات الطبية والمسعفين وموظفي الأونروا و130 صحفيا وهذه الجريمة المدانة دوليا ما هي سوى عسكرة نفس صفقة القرن بعد أن لبست عام 2017 لبوس الدبلوماسية لتمرر مخطط تصفية نهائية لقضية فلسطين وتغير كل ملامح الشرق الأوسط ليصبح "جديدا" بمعنى ما جاء في كتابين صدرا بنفس العنوان لكوندوليزا رايس وشمعون بيريز (الشرق الأوسط الجديد)! ومع تشتت الشعوب العربية والمسلمة وتشرذمها صعد نجم الأحزاب اليمينية المتطرفة الأوروبية المبنية على الإسلاموفوبيا وسياسات مكافحة "الجهاد" وحققت في أغلب دولها نجاحات انتخابية بل ووصل يمينيون عنصريون الى رئاسة دولهم!