05 أكتوبر 2025

تسجيل

من ركل القطة؟

01 مارس 2021

قصة مقتبسة من كتاب فنون التعامل مع الناس وفن الإدارة، كان مكتب المدير يعج بالفوضى، والأوراق والملفات مبعثرة هنا وهناك، وفوق كل ذلك، فهو لا يعرف كيف يتعامل مع الآخرين، ويفتقد مهارات التعامل مع الناس، وكانت الأعمال تتراكم بشكل تلقائي، ويحمل نفسه ما لا تطيق، فلا يعرف متى يقول نعم، ومتى يقول لا. صاح بسكرتيره يوماً، فدخل ووقف بين يديه، فصرخ فيه: اتصلت بهاتف مكتبك ولم ترد؟ قال: كنت في المكتب المجاور.. أنا آسف، قال بضجر: كل مرة آسف آسف خذ هذه الأوراق وسلمها لرئيس قسم الصيانة وعد بسرعة. مضى السكرتير متضجراً من هذا التعامل، وألقى الأوراق على مكتب رئيس قسم الصيانة، قائلا: لا تؤخرها علينا، تضايق الرجل من أسلوب السكرتير، وقال: حسناً.. ضعها بأسلوب مناسب. قال: مناسب.. غير مناسب، المهم خلصها بسرعة، فتشاجرا حتى ارتفعت أصواتهما، ومضى السكرتير إلى مكتبه. بعد ساعتين أقبل أحد الموظفين الصغار في الصيانة إلى رئيس القسم وقال: سأذهب لآخذ أولادي من المدرسة وأعود، صرخ الرئيس: وأنت كل يوم تخرج؟ قال: هذا حالي منذ عشر سنوات، وهذه أول مرة تعترض علي!، قال: ارجع لمكتبك.. مضى المسكين لمكتبه متحيراً من هذا الأسلوب، وصار يجري اتصالات يبحث عمن يوصل أولاده من المدرسة للبيت، حتى طال وقوفهم في الشمس، وتولى أحد المدرسين إيصالهم. عاد الموظف إلى بيته غاضباً، فأقبل إليه ولده الصغير معه لعبة، وقال: بابا.. المدرس أعطاني هذه لأنني.. صاح به الأب: اذهب لأمك، ودفعه بيده، مضى الطفل باكياً إلى أمه، فأقبلت إليه قطته الجميلة تتمسح به كالعادة، فركلها الطفل بقدمه، فضربت بالجدار. السؤال: من ركل القطة؟. الجواب «الجميع ركل القطة»، أو بمعنى آخر الكل شارك في ركل القطة، صحيح أن البداية كانت عند المدير، لأنه ضغط نفسه حتى انفجر، فانتقل الانفجار والضغط منه إلى من حوله، فانفجر كل من حوله، إلا أنه كان من المفترض أن يمرن كل شخص نفسه على صد تلك الانفجارات والضغوط، فلو حجز السكرتير ذلك الانفجار في حدود مكتبه، لما جرى ما جرى، ولو استوعب رئيس قسم الصيانة حالة السكرتير المضغوط، لوأد الانفجار في مهده، ولو ضبط الموظف نفسه، لما نهر ابنه بهذه الطريقة ودفعه، أما الطفل فهو يحتاج لتربية كل ما مضى قبل أن يصبح مثلهم. إننا بحاجة لتدريب أنفسنا على مصدات الغضب والانفعال، وتربية النفس على «التغافل» والاعتذار عن الأشياء التي لا نقدر عليها، حتى لا يتعدى ضررها إلى ناس أبرياء لم يكونوا طرفاً في المشكلة أصلاً، ولا ذنب لهم. [email protected]