19 سبتمبر 2025
تسجيلقطر غير مهتمة بخطة لا تشمل حدود 67 وحق العودة وتسمية القدس عاصمة فلسطين السعودية والإمارات والبحرين ومصر لم تعترض بمواقفها الدبلوماسية على صفقة القرن في آخر تصريحاته الصحفية حلل سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن وزير خارجية قطر لصحيفة (الغارديان) البريطانية جملة القيم السياسية والثوابت الأخلاقية التي تأسست عليها الدبلوماسية القطرية منذ نشأة الدولة، فكان بوضوحه المعهود جريئا في تحديد أسس السياسة الخارجية القطرية، مؤكداً أن (جاريد كوشنر) مستشار (دونالد ترامب) في الشرق الأوسط، أخبره بأن خطته للسلام بين إسرائيل وفلسطين ستكون جاهزة في غضون أسابيع، لكن سعادته أصر على أن قطر غير مهتمة بالموضوع طالما أنه لا يمثل حدود 67 وحق العودة وتسمية القدس عاصمة فلسطين. هذا رد سعادة الوزير على السيد (كوشنر) الذي يؤدي هذه الأيام زيارات الى تركيا وعديد الدول العربية وهو مستشار و صهر الرئيس (ترامب) الذي لا يخفي أن موضوع جولته وغاية اتصالاته بمسؤولي الشرق الأوسط الترويج لما يسمى صفقة القرن وهي الصفقة (الأمري - إسرائيلية) التي يبدو أن المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر انخرطت فيها أو على كل حال لم تعترض عليها بمواقفها الدبلوماسية. للتذكير فإن الصفقة تظهر في شكلها ومصطلحاتها عارضة لحل سلمي بين فلسطين وإسرائيل لكن في باطنها وخفاياها تعلن تصفية نهائية لقضية الشعب الفلسطيني، هذه التصفية التي خططت لها الصفقة عدة محطات، منها أولا الاعتراف بأن إسرائيل محقة في تحويل دولتها إلى دولة يهودية (بمعنى مرتكزة على دينها وتوراتها وليست دولة مدنية متعددة الأعراق والديانات تلغي بالطبع تواجد عرب فلسطينيين فيها كمواطنين كما تسوق الدعاية الإسرائيلية). الغريب في البند الأول من الصفقة أن الولايات المتحدة ذاتها ومعها دول الاتحاد الأوروبي ترفع شعار الدولة المدنية وتفتخر بأنها (ملتنغ بوت) بالإنجليزية الطنجرة التي امتزجت فيها مختلف الأعراق والأديان والثقافات، وهذا المزيج هو الذي شكل الأسمنت المسلح القوي لبناء دولة المؤسسات ! فكيف تناقض هذه الدول نفسها وتؤيد دولة عرقية تصبح بالضرورة دولة عنصرية ؟ البند الثاني في الصفقة هو القبول بأن تكون القدس عاصمة إسرائيل الأبدية وغير المقسمة وغير الخاضعة لأي نقاش قادم ! وهو ما قامت به إسرائيل بصورة أحادية منفردة منذ سنة واستجاب (ترامب) فنقل سفارة أمريكا إلى القدس ولم ينتبه رعاة الصفقة إلى أن هدا العمل الباطل يخالف قرارات منظمة الأمم المتحدة وميثاقها ويحرق كل وثائق و قرارات عمليات السلام المزعوم من مدريد إلى أوسلو إلى كامب ديفيد ؟ أي كل العمليات التي رعتها واشنطن نفسها ووقعت عليها مع الفلسطينيين والإسرائيليين ! ثم إن ممارسة غير شرعية كهذه تفتح الأبواب للعنف ومزيد المقاومة وتخريج جيل فلسطيني وعربي ومسلم يائس نهائيا من إمكانية الحلول السلمية في المنطقة، تأملوا معي قرائي الأفاضل كيف ولماذا لم تنخرط الدوحة في هذه الطريق الخطأ وهو ما يصبغ على تصريحات الوزير القطري طابع الثبات على احترام حقوق شعب شقيق محتل وعلى احترام القانون الدولي وهنا تكمن قوة وصلابة الدبلوماسية القطرية التي يعززها عمل قومي تضامني صادق وناجع لنصرة فلسطين بدأ من إعادة إعمار قطاع غزة وفك عزلته وحلحلة معضلاته في الماء والكهرباء والرواتب والبنية التحتية. وفي نفس التصريح الحدث، أكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن أن سياسة الاستقطاب والقمع في الشرق الأوسط ستؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة ما لم تتخذ الدول خطوات لإصلاح التوجهات وتصحيح المسيرة وتهدئة التوترات، وقال سعادته: "أي شخص ينظر إلى الوضع في الوقت الحالي - الاستقطاب في المنطقة - من المؤكد تماماً أن الأمور لن تبقى هكذا لا يمكنك إبقاء الناس تحت وطأة الظلم لفترة طويلة، ومن أجل منع حدوث حالة عدم الاستقرار، نريد فقط أن يبدأ القادة في الإصلاح، يجب أن نمارس الدبلوماسية الوقائية بدلاً من الدبلوماسية التفاعلية". نعم بهذه العبارات لخص الوزير الرؤية القطرية للجهود الدبلوماسية التي تعتمد الوقاية لإخماد الحرائق قبل اندلاعها لا الدبلوماسية التفاعلية بمعنى التبعية دون مراعاة الحقوق والقانون الدولي ومبدأ التضامن مع الشعب العربي المضطهد المظلوم. وبالطبع تدركون يا قرائي الأفاضل الفرق الشاسع بين هذه الدبلوماسية الأمينة وتلك الدبلوماسيات المذبذبة المذيلة التي تضحي بالقيم من أجل تعزيز الأنظمة وتغمط الحق من أجل كسب تأييد عابر ومزعزع ومهزوز سوف يفاجأون قريبا بأنه تأييد هش وتدركون طبعا لماذا حوصرت قطر بتعلات المطالب الثلاثة عشر للتمويه، أما البقاء فللأصدق والأرسخ والأبقى ولله الأمر من قبل ومن بعد. [email protected]