13 سبتمبر 2025
تسجيليمكن اعتبار حافظ الأسد، الذي حكم سوريا على مدى 3 عقود، المؤسس العملي للداعشية الدموية المعاصرة في العالم العربي، فقد كان دمويا إلى أبعد الحدود ارتكب عددا من المجازر التي ذهب ضحيتها ما لايقل عن 100 ألف شخص، ودشن مرحلة من أقصى درجات العنف التي لم يكن له مثيل في القرن العشرين في بشاعتها وسوداويتها وانتقاميتها.دشن حافظ الأسد، الذي امتطى حزب البعث، حالة من الإقصائية الاستئصالية ضد الدولة والمجتمع وحتى معارضيه في الحزب، فقد قام بتصفية من يعتبرهم خطرا عليه في حزب البعث وزج الكثيرين في السجون لمدة تجاوزت 20 عاما، وقام بتفكيك بنية الحزب وإعادة بنائه بما يوطد سلطاته وسيطرته المطلقة عليه، وحول الحزب إلى كيان "علوي- أمني" وقام بتغيير بنية القيادة العسكرية في الجيش وتسليم مقاليد الأمور فيه لمجموعة من الضباط العلويين الذين قاموا بصناعتهم، وإقصاء الضباط من الأكثرية السورية المسلمة، وكذلك عمد إلى بناء شبكة معقدة من الأجهزة الأمنية المتداخلة والمتوازية بقيادة ضباط علويين، ثم قام بصناعة دستور جعل من حزب البعث "قائدا للدولة والمجتمع" مما يعني من الناحية العملية أن "العلويين هم قادة الدولة والمجتمع في سوريا"، ولم يغفل حافظ الأسد وضع أشخاص من المسلمين السوريين في الواجهة هنا وهناك من أجل إخفاء الهيمنة العلوية على مفاصل الدولة ، وهؤلاء لم يكونوا أكثر من ديكور ودمى بيد "القائد الملهم".لقد كان الأسد ونظام "البعثي- العلوي - الأمني" مستعد للذهاب إلى أقصى مدى في القتل من أجل استمرار هيمنته على السلطة والثروة في سوريا، وفي سبيل ذلك ارتكب 10 مجازر كبيرة إلى جانب مجازر أصغر حجما، منها مجزرة جسر الشغور الأولى عام 1978 والثانية عام 1980 ومجزرة قرية كنصفرة ومجازر سوق الأحد وحي المشارقة وبستان القصر في حلب ومجزرة سرمدا ومجزرة تدمر النسائية ومجازر حماة الأولى والثانية والثالثة.لقد تعامل حافظ الأسد ونظامه "البعثي-العلوي-الأمني" مع المجتمع السوري بحقد وانتقامية وكراهية شديدة، وترجم هذه الكراهية بأساليب الإبادة والقتل التي كان يرتكبها وينفذها الضباط العلويون والبعثيون الذين ابتدعوا طرقا إرهابية عنيفة مذلة لإخضاع السكان مثل انتهاك حرمة المساكن واختطاف النساء والفتيات والاغتصاب، والسطو على الأموال والممتلكات، وقتل الأزواج، والتمثيل بهم، أمام الزوجات والأولاد. واختراع أساليب جديدة في الانتقام مثل مجزرة النساء في 19 ديسمبر عام 1980 والتي تعتبر فريدة من نوعها، حيث قامت بلدوزرات نظام الأسد بحفر "أخدود كبير" وقادت إليه 120 امرأة، من أمهات وأخوات المعتقلين والمطاردين، اعتقلتهن أجهزة حافظ الأسد الأمنية واحتجزتهن كرهائن من أمهات الملاحقين وأخواتهم. وأودعتهن في سجن تدمر الصحراوي، ثم ساقوهن إلى حافة الأخدود وأطلقوا النار عليهن فوقعن فيه مضرجات بدمائهن. ثم أهالوا عليهن التراب رغم تصاعد أنين بعضهن اللواتي لم يفارقن الحياة بعد. في واحدة من أبشع المجازر الدنيئة التي شهدتها سوريا.لكن قمة الداعشية لحافظ الأسد ونظامه كانت في مثل هذا الشهر من عام 1982 وتحديدا في 2 فبراير عندما استباح حافظ الأسد وضباطه العلويون وجيشه ومليشياته وسرايا الدفاع التي يقودها شقيقه رفعت مدينة حماة، وفرضوا عليها حصارا خانقا وقصفوها بالدبابات والمدفعية وراجمات الصواريخ والطائرات وأمطروها بكل أنواع القذائف والقنابل مما أدى إلى قتل أكثر من 40 ألف شخص من سكان المدينة، وهدموا ثلث المدينة بشكل كامل، ودمروا المناطق الأثرية التاريخية، وفجروا أكثر من 88 مسجدا في حالة انتقامية ثأرية غير مسبوقة من قبل نظام يزعم أنه سوري ضد مدينة سورية.هذه هي بداية التأسيس العملي للحالة الداعشية العنيفة في سوريا، وهي سبقت داعشية أبو بكر البغدادي بنحو 40 عاما على الأقل، داعشية أسدية احتقرت الناس وأذلتهم وصادرت حريتهم وقتلتهم وحولت سوريا إلى سجن كبير لا مكان فيه إلا للقائد الرمز الملهم المعبود الذي يقود الدولة والمجتمع.