12 سبتمبر 2025
تسجيلرغم التماسك السياسي الظاهري لإيران إلا أنها تجازف بالتزامها القاطع بفكرة الولي الفقيه الذي يعتبر المرجع لكل شؤون الحياة وإدارة العمل السياسي في البلاد، ولا شك في أن الثبات والاستقرار مطلوب، وهو جوهر أي عمل سياسي ومن طبيعة الدولة الناجحة التي تتأسس على مفهوم المؤسسات إلا أن الأمر في الحالة الإيرانية ينطوي على مخاطرة مؤكدة.حينما تتجمع وتلتقي خيوط اللعبة كلها لدى شخص واحد فإن ذلك يعني عاملا مركزيا ينطوي على هشاشة في بنية الدولة وضعف فرصها في المستقبل خاصة إذا تم إغفال ظهور أجيال جديدة لا تعترف أو تحترم الثوابت الدينية والسياسية على النحو والمنهج الحالي، ما يعني أن كل ما تبنيه الدولة الإيرانية في الوقت الراهن قابل لأن يذهب مع الريح إذا تضخمت طموحات الأجيال الجديدة ومالت أكثر لتغيير الموروث السياسي والديني.دون قواعد شعبية متكيفة وقابلة بالمجريات السياسية من الصعب أن يستمر نهج ثيوقراطي لا يتوافق مع مقتضيات العصر، لأن ذلك يوجد حالة من التضاد والتناقض بين رأس دولة ديني وقواعد أكثر ليبرالية وممارسة شعائرها بالطريقة السهلة، في وقت تتضاءل فيه فرص الرفاهية لشعب يمتلك الكثير من المقومات والإمكانيات الطبيعية والتاريخية التي تؤهله لاستحقاقات أكبر مما يمنحها له نظام الحالي.الزمن عامل حاسم في تغيير كل ثابت، وهناك فراغ وفجوة بين الدولة وشعبها يتسع عاما بعد آخر، فمكاسب الشعب أقل كثيرا من احتفاظه بنظام لا يلبي تطلعاته وطموحاته، ولديه مرجعية تتحكم في كل تفاصيل حياته، فإن لم يكن هذا الوضع مجديا فإنه سيصبح مملا وغير مقبول، ولذلك فإن الاستقرار إنما تتم حمايته شعبيا ثم بعلاقات دولية متوازنة تبدأ من الجيران، وليست إيران على علاقة صحية بجيرانها خاصة الخليجيين.الامتداد الإيراني في الخليج يتطلب مواكبة أخلاقية تتسع بالمصالح ولا تعبث بالثوابت، فجهود إيران في العبث بأمن واستقرار جيرانها ينتهي بها إلى متاهة تحرمها من التركيز على تنمية شعبها الذي يزداد فقرا واحتياجا رغم ما يمتلكه، ولذلك ينبغي التوجه دوما إلى رأس الدولة حيث الولي الفقيه وليس الرئيس أو رئيس البرلمان فجميعهم أدوات بيد المرشد الأعلى الذي يسيطر على كل شيء، فإن كان هناك رشد فإن مصلحته تقوم على الكف عن التعامل الاستعلائي مع جيرانه وتغليب المصلحة الوطنية على المكاسب الضيقة التي تعمل على تآكل جمهوريته.