22 سبتمبر 2025

تسجيل

من أجل وطن أجمل

01 مارس 2012

كنت في طفولتي المبكرة أشاهد الأشجار من بيئتنا المحلية على اختلاف اصنافها تتجمع هنا وتتفرق هناك لتكون في بعض المناطق الصحراوية غابة صغيرة وأسمع قصص الأجداد عن تلك الأشجار وأماكن وجودها وأهميتها وتعلقهم بها، خاصة عندما كانوا يعتمدون في أسفارهم وتنقلاتهم على الوسائل القديمة المتاحة لهم.. واليوم في أيدينا وسائل العلم والتكنولوجيا لإعادة أشجار البيئة إلى مواقع نموها الأصلية وتوسيع رقعة انتشارها على مساحة عريضة من خريطة وطننا الحبيب لنكسوها خضرة وظلا وجمالا. مثل هذا التوجه وإن كان يحظى بنوع من الاهتمام إلا أنه لا يرقى إلى طموحاتنا خاصة وأن أشجار البيئة لا تتطلب تلك العناية الفائقة والميزانية الضخمة، فهي بالرغم عنا وعن ملوحة الأرض، وجفاف التربة تخرج إلينا هنا وهناك لتؤكد حتمية وجودها بيننا وإصرارها على صداقتنا الأبدية. إنني لا أدعي الخبرة في الهندسة الزراعية، ولكني أجيز لنفسي التعاطف مع تلك الأشجار الوارفة الظلال التي تشق جذورها في التربة هنا وهناك عند الشوارع الرئيسية والفرعية، وعلى جوانب الطرق لا تتأثر بما تخرجه عوادم السيارات من غازات وتقاوم كثيرا من أعمال الحفريات التي تصل في بعض الأحيان إلى تقطيع جذورها وهي قانعة بعيشها مع بيئتنا، وصامدة في وجه حر الصيف ومتأقلمة مع رطوبة بلادنا، فهي قطرية المنشأ والمنبت وعاشقة لحبات تراب هذا الوطن الغالي. بقي علينا أن نجمع شملها ونرص صفوفها في مساحات فسيحة محمية لا تقتلعها عجلات،" اللاندكروزر" ولا تطحنها إطارات الـ(الفورويل درايف) على اختلاف أنواعها وأحجامها، لتمتد ملء البصر حسنا وجمالا لأهل قطر والوافدين إليها، وضيوفها.. وإنني على يقين بأن مشروعا كهذا يعتمد مساحات شاسعة في الشمال والوسط والجنوب، سيجعل قطر أحلى عرائس الخليخ، حيث ستتغنى الأغصان الخضراء مع زقزقات العصافير والطيور التي ستسكن تلك الأشجار على اختلاف صنوفها، كما سنرى الحيوانات البرية الأليفة تأنس العيش في مثل هذا الجو المنعش الظليل.. عندما أتحدث عن مثل هذه المشاريع أنطلق من واقع بيئتنا المحلية وليس من بيئة غريبة حتى لا يتهمني البعض بأنني أعيش في الخيال. إن قيادتنا الشابة الطموحة الواعية التي يرعاها حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، تجعلني أكثر تفاؤلا بتحقيق مثل هذا المشروع وغيره من المشاريع الطموحة التي تصب أولا وأخيرا في خدمة الوطن والمواطنين. هل نغمض عينا ونفتح اخرى ونجد أنفسنا وقد اتصلت مدينة الخور بالدوحة بسلسلة من غابات أشجار بيئتنا المحلية لتمتد هذه الأشجار وتصل إلى مدينة الشمال، ثم من الدوحة إلى دخان، ومن الدوحة إلى سلوى، ومن الوكرة إلى مسيعيد، لتتصل مدن قطر ليس بالطرق السريعة فحسب بل بشبكة من الحدائق والمزارع المشجرة من مختلف الأصناف.. فهل يتحقق هذا الحلم؟