01 نوفمبر 2025

تسجيل

الحسد

01 فبراير 2019

يعدُّ الحسد أحد أخطر أمراض القلوب المُهلِكة لأصحابها عياذًا بالله، وهو من الصفات السلبية التي يصاحبها الحقد فتُصيب أصحابَها بالتعاسة لأنهم لا يَقنعون بما لديهم، ويتابعون الآخرين فلا يستمتعون بحياتهم لتطلعهم الدائم إلى ما في أيدي غيرهم. والحسد شعور داخلي يدعمه الشيطان ويقوي صاحبه، فيجعله يتمنَّى زوال النِّعَم أو سلب الخير من الآخرين والحصول عليه لنفسه، أو يكتفي الحاسد بالرغبة في زوال النِّعَم عن الآخرين وإن لم يستفِدْ منها بشيء. ولقد علَّمنا الله تعالى الاستعاذة من الحسد بشكل صريح في محكم كتابه الكريم في سورة الفلق فقال: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}. فالحسد موجود في مجتمعاتنا، وهو خلق ذميم يؤدي إلى انتشار الكراهية والبغضاء بين الناس؛ لأنَّه إذا وصل إلى القلوب أفسدَها وتمكَّن من زرع الشر فيها، وهو نتيجة من نتائج الحقد؛ حيث إنَّه مَن يحقد على إنسان يتمنَّى زوال النعمة عنه. ومن أسباب وقوع الشخص في الحسد: • قلّة الوازع الديني وضعف الإيمان في قلبه. • التعزز بالإثم: وهو ألَّا يرى الحاسدُ مَن هو أرفعَ منه. • لعُجْب: وهو استحقار وانتقاص عباد الله. • حب الرئاسة وطلب الجاه: لأنّ بعض الناس يحبُّون الخير والنِّعَم لأنفسهم فقط لجلب المدح والثناء لهم. وهناك فرق بين الحسد والغبطة فهو بخلافها، فالغبطة تمنِّي مثل هذه النِّعَم والخيرات من غير حب زوالها عن المغبوط. وهي جائزة كما جاء في الحديث الشريف عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» متفق عليه. فالمراد بالحسد في هذا الحديث هنا الغبطة المحمودة. • وأسباب وقوع الحسد كثيرة أهمها: التظاهر بالنِّعَم والتفاخر بها دون مراعاة لشعور الغير من الفقراء والمحتاجين وأصحاب الأمراض والابتلاءات. ويعدُّ الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي بشتى صورها أحد أهم أسباب وقوع الحسد؛ وذلك نظرًا للانفتاح المستهتر من البعض في كل أمور حياتهم أصبحت الحياة الخاصة للأشخاص مُعلنَةَ التفاصيل له شخصياً ولعائلته وجميع أمور حياته تكون ظاهرة للجميع، حيث يقوم البعض بنشر صور منازلهم والأثاث والديكورات وسياراتهم وأولادهم وسفرياتهم وطعامهم وهداياهم وكل شيء حتى إنه أصبح الناس يعلمون أدق تفاصيل حياتهم ومن أين يشترون حاجاتهم وملابسهم؟ وماذا يحبون من الطعام، وماذا يكرهون؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله! وهذا الأمر شديد الخطورة، فكم من مصائب عصفت بأُسَر كانت مستقرَّة هادئة دون الوقوف على سبب حقيقي لوقوع مثل هذه الكوارث، وإنما ذلك بسبب الحسد والحقد من بعض أصحاب النفوس المريضة. فلا بد أن يحرص الإنسان على الاعتدال في نشر الخصوصيات، فكل صاحب نعمة محسود، فيجب على المسلم أن يتسلح بالأذكار النافعة التي تقيه شرَّ الحاسدين والحاقدين، وكذلك الاحتفاظ بحياته الخاصة في إطارها المناسب دون نشر كل صغيرة وكبيرة في حياته. ونسأل الله تعالى أن يُجنِّبنا الحسدَ والحقد وأن يرزقنا القناعة والرضا ويُطهِّر قلوبنا وجميع المسلمين من الحقد والحسد والضغينة.. اللهم آمين. [email protected]