17 سبتمبر 2025
تسجيلمحاكمة الرئيس المصري المعزول الدكتور محمد مرسي بفعل انقلابي صارخ، والتي جرت قبل أيام كانت مثالا فظا وصارخا لعنجهية عسكر الانقلاب وأدواتهم في أجهزة الدولة المصرية ومؤسساتها، فمشهد احتجاز الرئيس ورفاقه في قفص زجاجي وبشكل يتم التحكم بالصوت من خلاله هو فعل فاشي حقيقي لاعلاقة له بأصول المحاكمات المدنية والجزائية، ولا بأي قيم حق وعدالة من المفترض أن تتمتع بها المحكمة، لقد كان الهدف من المحكمة بالصورة الصارخة والزاعقة التي ظهرت بها هدفا انتقاميا صرفا وفعلا إعلاميا يراد منه إذلال الرئيس مرسي والانتقام من جماعة الإخوان الذين ظلوا على مدى سنوات القهر المصرية هدفا دائما للسلطات الحاكمة، كما كانت أجساد أعضاء الجماعة مراكز تدريب لجلاوزة التعذيب في السجون المصرية خصوصا خلال حقب وسنوات ما بعد انقلاب 23 يوليو 1952 !، رغم أن هذه الجماعة ماغيرها هو من بايعها وأقسم على الوفاء لها ولأهدافها عدد من ضباط ذلك الانقلاب وعلى رأسهم الرئيس جمال عبدالناصر وأنور السادات! وعدد آخر من أهم ضباط الانقلاب كعبد المنعم عبدالرؤوف أو كمال الدين حسين!، كما أن حجم القمع المفرط التي تعرضت له الجماعة منذ عام 1954 والإطاحة بالرئيس الأول اللواء محمد نجيب، وفتح السجون المصرية على مصاريعها وبروز عدد من أسماء قيادات القمع الرهيبة كحمزة البسيوني وشمس بدران وعناصر مكتب المشير عامر، وجميعهم أوقعوا ضربات هائلة بالجماعة ومؤيديها، وبرغم كل القمع المفرط لم تنته الجماعة بل ظلت تقاوم الإقصاء وتحولت لرقم صعب في الحياة السياسية والاجتماعية المصرية، وعانت ماعاناه الشعب المصري من هزائم وانتكاسات، وظلت أمينة لمبادئها حريصة على تاريخها ومنهجها التوفيقي المسالم الملتزم بثوابت العقيدة رغم كل محاولات التشويه وفبركة الملفات بشكل صارخ والتي كان آخرها المحكمة الهزلية الانتقامية والتي تفنن فيها (جلادو) الانقلاب الديمقراطيين، في ابتكار الوسائل النفسية البشعة الهادفة للحط من قدر قيادات شعبية انتخبها الشعب ولم تأت عبر دبابات انقلابية أو عملية غدر سلطوية لا تراعيأبدا المتغيرات والإرادة الشعبية!، لقد كانت ملفات الاتهام ضد الرئيس مرسي ورفاقه مثيرة للسخرية ومضحكة للغاية وغير مفهومة بالكامل!، إنهم يحاكمون الرئيس لأنه قاوم حكم النظام السابق الذي أسقطته وبطانته جماهير ثورة 25 يناير العزلاء من الشباب المصري الذين قدموا دماءهم وأجسامهمفداءا لشعب مصر في مقاومة البلطجية وعناصر أمن النظام السابق، فإذا بهم اليوم يقبضون الثمن مضاعفا من نظام يدعي أنه جاء لتصحيح المسار رغم أنهقد خرب كل طرق المستقبل الديمقراطي في مصر وزرع بالدم والدموع والآلام معاناة شعبية واسعة ستنتج عنها نتائج سلبية لربما تكون أشد قسوة مما حصل بعد انهيار أصنام الهزيمة بعد عام 1967 !، لقد تعرض الرئيس مرسي لمعاملة لاتليق بمن انتخبه شعب مصر ليكون أول ولربما آخر رئيس مدني في تاريخ مصر المعاصر بعد أن حسم العسكر أمرهم وقرروا من جديد الالتفاف على الإرادة الشعبية الحرة منصبين أنفسهم (فراعنة جدد) في زمن سقوط الأصنام!، لقد انطلقت أسواق النفاق في بازار الإعلام المنافق بكل حرية وهزلية أيضا!، فقد ادعى أحدهم مثلا بأن المشير السيسي هو بمثابة (محمد علي) جديد!! أي أنه سيقود النهضة الحضارية من جديد؟ فيما عبر آخر عن رغبته في رؤية المشانق وهي تحز رقاب عناصر الإخوان! وقد علمنا التاريخ بأن العسكر لا يمتلكون من حلول سوى الحلول الإقصائية العنيفة، ومن يهتم بتاريخ شعوب العالم الثالث يدرك على الفور ويتذكر حكاية شعب شيلي بعد انقلاب العسكر بقيادة الجنرال بينوشيت ضد الرئيس الشعبي المنتخب سيلفادور الليندي في 13 سبتمبر 1973 وما تمخض عنه من نتائج مرعبة تمثلت في قتل الرئيس الليندي وقتل مئات الآلاف من أبناء الشعب الشيلي قبل أن تسقط الطغمة العسكرية ويسترد الشعب قراره ويتحول الجنرال الانقلابي لمنبوذ مطارد، أوائل تسعينيات القرن الماضي! من الواضح أن هدف العسكر هو قتل الرئيس مرسي معنويا قبل الإجهاز عليه جسديا وإعدامه وتدشين مرحلة فاشية جديدة في التاريخ المصري المعاصر، محاكمات هزلية بدوافع انتقامية هي كل حصيلة الانقلابيين، فكان الله في عون شعب مصر وهو يصارع البلوى وحكم العسكر!