16 سبتمبر 2025
تسجيلحينما قيل قديماً لحسني مبارك آن الأوان لتلقي خطاب وداع للشعب المصري أجاب باستغراب (ليه!.. همَ رايحين فين )؟!!.. فالرئيس الذي وعلى ما يبدو على وشك التقاط أنفاسه الرئاسية الأخيرة كما يأمل ثمانون مليون مصري وآمل أنا شخصياً بالإضافة إلى جميع الشعوب العربية يمني نفسه بأن ما يحدث ليس سوى زوبعة في فنجان قهوته الصباحية سيبلعها وتسبب له إرباكاً بسيطاً في معدته المتخمة سرعان ما سيزول ويعاود ممارسة تسلطه على شعب يعاني منذ ثلاثين عاماً من مكوثه رئيساً لدولة أحق بها أن تكون أفضل بكثير مما هي عليه الآن.. اليوم يعلن الشعب المصري الجبار أنه أحق من مبارك بأرضه وهو الأحق بأن يقول كلمته الفاصلة التي تأخرت من ثلاثة عقود كان هذا الأخير قابعاً على كرسي يئن تحت ثقله الذي زاد وزنه بعد نهبه لقوت وثروات هذا الشعب الحر الذي تمنيت أن أشاركه ثورته وليس انتفاضته كما يحب الكثيرون تسميتها لاعتقادي بأن الانتفاضة تموت ولكنها الثورة التي ستبقى بإذن الله حتى زوال هذا النظام العابث للحزب الوطني الحاكم مع اعتذاري لكلمة الوطنية من أن تندس بخسة في هذا المقام!.. فأين الوطنية إن كان نظام حسني مبارك يأبى أن يحقن دماء شعبه ويتنحى عن حكمه البغيض ومايزال مصراً على التمسك بقيادة شعب يعلن اليوم بأن مصر على وسعها تضيق به وبعائلته وأعوانه؟!.. أين الوطنية في استشهاد المئات من أفراد هذا الشعب الذي يقبل طواعية أن يموت في سبيل أن يرحل هذا النظام عن رأس الهرم المصري ومع ذلك يصر مبارك وحزبه على البقاء وترويع الآمنين وتصوير المسألة على إنها توابع تلقائية لثورة الياسمين التونسية وإن الأمور لا بد وأن تعود إلى حالها القديمة في السكوت قسراً والخنوع والخضوع لقدر الله في بقاء مبارك رئيساً حتى آخر نفس من أنفاسه التي أدعو الله أن تضيق بصاحبها وتجبره على الرحيل وحفظ الباقي من ماء وجهه بعد أن أظهر الشعب بجميع فصائله وطوائفه كرههم له ورغبتهم في زواله وانضمت إليه جميع فئاته العمرية والحزبية؟!.. اليوم وحتى يتجدد شباب المصريين أعلنها إني مصرية وأفتخر بمصريتي التي ستساند هذا الشعب الأبي في نيل حقوقه المشروعة التي حرمها منه الحزب الحاكم ثلاثين عاماً كان الأحق بهذا الشعب أن يكون في مصاف الشعوب المتقدمة والمرفهة بما تملكه من ثروات وعائدات وتاريخ لا يمكن أن ينكره أحد عليهم.. ورغم هذه الثورة البطولية إلا إنني كنت آمل ألا تدس واشنطن أنفها فيها مع شكي شبه المتيقن بأن للولايات المتحدة الأميركية يداً فيما يحدث وإنه لا يمكن لكلينتون أن تخرج بتصريحات نارية تدل على البيع البخس الذي قام به البيت الأبيض وتنازل فيه عن حسني مبارك الشريك المحبوب لاميركا وإسرائيل في عملية الاستسلام المسماة بعملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلا إذا كانت تسير وفق خطط مدروسة قام بها خبراء أوباما السياسيين في الشرق الأوسط وإن (كارت) مبارك بات ورقة خاسرة أمام المد الجماهيري الغاضب الذي رفض استخفاف الأخير به في تعيين نائب رئيس يلقى هو الآخر سمعة غير طيبة بين أوساط الشعب والعالم العربي وهو اللواء عمر سليمان رئيس الجهاز الاستخباراتي المصري الذي أقسم على أخذ مصالح الشعب المصري على عاتقه وأكاد أقسم إن القسم كان لإبادة هذا الشعب ولا شيء غيره!.. فبعد ثلاثة عقود يعين مبارك نائباًً له وهو الذي استأثر بالسلطة وحده وكان الرافض العنيد لهذه المسألة طوال هذه المدة ليأتي اليوم ويقول لعمر سليمان في شفرة سرية (والنبي يا عمر خلصني من الورطة دي وليك كل الصلاحيات في إخراس عيال الأبلسه دول اللي قوموا الدنيا عليا)!!.. بل ويزيد استهزاءه بشعبه ويشكل حكومة جديدة لاقت هي الأخرى ما نراه اليوم في شوارع ومحافظات مصر العظيمة من مظاهرات تهتف بصوت واحد (أصبح من المستحيل أن يكون هناك حل غير الرحيل) وإن الشعور الواضح والكبير هو أن الشعب لم يعد يهيم حباً في مبارك وإن المسألة باتت منتهية لديه في إن مبارك يجب أن يسقط إجباراً أو اختياراً رغم إن التنحية الطوعية في نظري هي إجبار بطبيعة الحال!.. ولذا ارحل ودعنا نشعر بأننا بالفعل نستطيع حين نغضب أن نختار شكل حريتنا كما نريد وتثور عزائمنا كما تثور حبات القمح الذهبية من رحم مصر المعطاءة.. ارحل ولا تدع هذا الشعب يقدم من أبنائه ما يجعل الآباء أيتاماً وليس العكس!.. ارحل فإن ثلاثين سنة من الحكم قدمت لك ما كان يمكن للمصريين أن يصبحوا به ملوكاً، وكما كانت (ثورة الياسمين) في تونس فإن (ثورة القمح) في مصر ستؤتي أُكُلها بإذن الله.. ارحل والحق بمَن سبقوك ولجأوا إلى حضن الشقيقة الكبرى الدافئ!.. أما البرادعي المتسلق فله قصة معي سأسردها لكم في الغد لأن الأحق بالحديث الآن مَن يجب أن يكون عنه الحديث بلغة الماضي مستقبلاً!.. فاصلة أخيرة: وريتنا الويل! دي الخطوة في عهدك بقت ميل والضحك بقي نواح وعويل والكوسة.. عارف الكوسة ممكن أقول لك فيها مواويل والجامعة بقت يا إما كباريه أو دار مسنين! والشباب معظمهم من غير خمرة سكرانين! والعلم عز على المتعلمين.. والأساتذة بقم دجالين! واديني في الهايف يا حبيب الملايين! (( أحمد فؤاد نجم))