13 سبتمبر 2025

تسجيل

العَالِم الحَكيم

31 ديسمبر 2021

إنه سماحة الشيخ الإمام الرباني أبو الحسن علي الندوي رحمه الله، فقد كانت وفاته في الحادي والثلاثين من ديسمبر من العام 1999 وكان في يوم الجمعة من شهر رمضان، وتأتي ذكرى وفاته رحمه الله وما زال اسم هذا العَلم الحَكيم ماثلاً أمامنا وسيرته وحياته متداولة وكتبه ومؤلفاته حية بيننا، فهو صاحب الهمة العالية، والنفس الصادقة، والقلب الحي، والعَالِم العامل المصلح، والحكيم الداعية إلى الله على بصيرة بحاله ومقاله وفعاله، وفقيه في الدين، ومربّ جليل، وقائد رشيد ذو حكمة، وكاتب وصاحب ملكة أدبية ومن أهل البيان والفصاحة رحمه الله «رجل لم يُتاجر يوماً بمبادئه، ولم يقف يوماً على باب أحد، لم ينافس يوماً على الدنيا»، ولم يجرِ وراء الشهرة ولم يطرق بابها، ولم يقف على أعتابها، بل هي طرقت عليه الباب، ففتح لها الباب فدخلت عليه، وجلست عنده ولم تستطع أن تستحوذ عليه، أو تغير من مبادئه وأخلاقه، فقالت هذا ليس مكاني وليس من روّادي وأتباعي!. فذهبت عنه رحمه الله. طاف الدنيا رحمه الله داعياً إلى الله مبشراً بالإسلام وبعظمته وعالميته وشموليته بالموعظة الحسنة والكلمة الطيبة. شخصية كبيرة في العطاء ثرية المواهب فهو «إمام من أئمة الدعوة، وعلم من أعلام الإصلاح». قال عنه الشيخ محمد الغزالي رحمه الله «هذا الإسلام لا يخدمه إلا نفس شاعرة محلِّقَة، أما النفوس البليدة المطموسة فلا حظَّ لها فيه... لقد وجدنا في رسائل الشيخ الندوي لغةً جديدةً، وروحًا جديدةً، والتفاتًا إلى أشياء لم نكن نلتفت إليها «. وقال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عنه «أبو الحسن بنى للإسلام في نفوس تلاميذه حصونًا أقوى وأمتن من حصون الحجر، بنى أمة صغيرة من العلماء الصالحين والدعاة المخلصين». يقول الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله إنه يحب من كتبه «الطريق إلى المدينة، والنبوة والأنبياء في القرآن، والأركان الأربعة، والصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية، وماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين». ونقف هنا على بعض ما كتبه هذا الإمام الكبير وأحد صُنَّاع الحياة في هذه الحياة المليئة بالأحداث رحمه الله. * « إن هناك صراعاً فكرياً، بل معركة فكرية في عبارة أصح، في جميع الأقطار الإسلامية في هذا الوقت، نحن نستطيع أن نسميها صراعا ومعركة بين الأفكار والقيم الإسلامية، والأفكار والقيم الغربية..». * « الدعوة الإسلامية ليست أفكاراً ونظريات فحسب، بل إنها تكيف الحياة على المنهاج النبوي، تكييفها بحرارة الحب الإلهي والصلة به، التفاني في سبيله، والجهاد لإعلاء كلمته بالمنهج والأرواح». * « لا يفهم الصلاة، ولا يفهم الحاجة إليها ولا يتذوقها، إلاّ من عرف تلك الصلاة الغريبة الفريدة، التي تقوم بين العبد وبين الرب، إنها صلة غريبة وفريدة، لا نظير لها ولا مثال». * « الدعاء هو مظهر العبودية كما أن مظهر النبوة هو الدعوة، وكلاهما من أهم وأبرز عناوين السيرة المحمدية، وناحيتان متفردتان، وفصلان مستقلان لهذه الصحيفة المعجزة». * « إن الخلق الحسن أغلى نعمة بعد الإيمان». * « ما أحرص الإنسان على الراحة واللذة! غير أنه قصير النظر، فهو يطلب اللذة الفانية ويسعى للمسرة الزائلة». * « إن ما يقف سداً منيعاً، وسياجاً حديدياً، بين العبد وشر النفس والمعاصي، هو خشية الله، والذي يهوّن على العبد ضربة البلايا والرزايا، ويخفف له أثر المآسي والمصائب، هو اليقين». * « فما أسعد الأمة التي ورثت من نبيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الدين والدنيا، ونعم الغيب وثروته؟! وبالعكس، ما أشقى تلك الأمة التي لم تتمتع بهذا المفتاح، ولم تستخدم هذا السلاح؟». *» إنه وعلى الرغم من حالتيّ الضعف والهَوان اللتان تستحكمان في الأُمَّة الإسلامية، غيرَ أنَّ مستقبلها سيكونُ مضيئاً ومشرقاً». ◄ «ومضة» فرحم الله أبا الحسن علي الندوي العَالِم الحَكيم العامل الرباني رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجزاه الله كل خير على ما قدمه لدينه وأمته، وألحقنا الله تعالى وإياه بالأنبياء والصالحين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً. [email protected]