12 سبتمبر 2025

تسجيل

طعنة بزمن كورونا - قصة قصيرة

31 ديسمبر 2020

تهلَّل وجهُهُ حين رأى جارَه خارجًا من بيته، فبادر أحمد بمدّ يده لمصافحته مُرحبًا، لكنه صعق وكأنه تلقى طعنة غادرة، حين تراجع عمرُ إلى الخلف قليلًا، رافضًا مصافحته، ومكتفيًا برد السلام شفهيًّا، ووضع يده على صدره، ثم أسرع بركوب السيارة، مُلبِّيًا استعجالَ السائق. "لا حول ولا قوَّة إلا بالله"، قالها أحمد وهو يضرب كفًّا بكفٍّ، مشيِّعًا السيارة بنظرة أسيفة، حتى قطع ذهولَه سؤالُ عثمان: ما الذي يحزنك يا جاري العزيز؟! قال أحمد: نعوذ بالله من أمراض القلوب، جارنا عمر إما أن "الكِبْر" استولى على قلبه، فجعله يُصعِّر خدَّه للناس، أو أصيب بالجُبن والوسواس؛ فيخاف من فيروس تافه؛ ويأبى مصافحة جيرانه وأصدقائه. قال عثمان: معرفتي بعمر تجعلني أتفق معك في النقطة الثانية: أنه خائف!! لكن ليس على نفسه. أحمد (متعجبا): على مَن إذًا؟! عثمان (مُشفقًا): عليك أنت! أحمد (متعجبًا): لماذا؟! عثمان: لأن وَلَدَيْ عمر بعدما عادا من السفر، ثبتت إصابة أحدهما بفيروس كورونا؛ فتمَّ حجره، والآخر مخالطٌ لأخيه المصاب لكن لم تظهر إصابته، وعاد إلى بيت أسرته؛ فذهب عمر الآن إلى المستشفى لإجراء فحص كورونا، فهل ستكون سعيدًا لو صافحك بيده؟! "أستغفر الله العظيم"، ردَّدها أحمد ثلاثًا، فأكمل عثمان: عمر يفكر بموضوعية وعقلانية علمية، بينما يغلب على تفكيرك العاطفة والمشاعر السلبية، ولهذا أسأت الظن به، واغتبته، ولم تلتمس العذر لأخيك المسلم، على الرغم من أنك أنت الذي خالفت الإجراءات الاحترازية بمدّ يدك للمصافحة. تهرَّب أحمد من مسؤوليته الفردية قائلًا: لستُ وحدي مَنْ يمدُّ اليدَ للمصافحة، ولا أستطيع أن أمتنع عمَّن يمدُّ إليَّ يدَه، حتى لو أصبتُ بالمرض. ابتسم عثمان، وهو ينهي الحوار بقوله: أصل المشكلة، أن معظم الناس، لم يتعلموا المبادئ الأساسية لمهارات التفكير، وهذا هو سر الفجوة الكبيرة، بين البلاد المتقدمة علميًّا وبين بلادنا التي تنتظر لقاح العلماء غير المسلمين لإنقاذ البشرية من فيروس كورونا. خبير مهارات التفكير وفنون التعبير