12 سبتمبر 2025
تسجيلفي الدول المتقدمة هناك مبادئ عامة وقوانين تحمي المواطن من تغول أصحاب المصالح الآنية والنزعات الضيقة، ونظراً لأهمية الإعلانات التجارية ومدى تأثيرها على الفرد فإنها ليست بمنأى عن تلك القوانين، بل تخضع لها كي لايتم التلاعب بمشاعر المستهلك من خلال الضخ الإعلامي الهائل، خاصة وأن السلوك البشري خاضع بطبيعة الحال للتأثيرات الانسحابية، فما يجري على المجموعة غالباً ما ينسحب على الفرد.. في السنوات الأخيرة صعدت إلى السطح ظاهرة مشاهير المواقع الاجتماعية..وعندما نسلط الضوء على هذه الظاهرة فإننا لانستطيع تجاوز الأثر السيء الذي ينتج عنهم بحسن نية أحياناً، وبدوافع الطمع فيما بقي من حين! يحق لهم أن يقدموا إعلاناتهم كما يشاؤون، فهذا حق مكتسب انتزعوه لأسباب مقنعة أحياناً وتافهة فيما تبقى، وهذا ليس محور الحديث.. إلا أنه من الضروري أن نتوقف عند نقطة غاية في الأهمية؛ فمثلاً لو قام أحد أولئك المشاهير بالإعلان عن منتجات التبغ! وقتها ما الذي سيحدث له ؟ ربما يختفي حسابه من حينه، ولكن أن يقوم بشكل يومي بالإعلان عن الوجبات السريعة وغير السريعة بكافة أصنافها و أشكالها فلن ينكر عليه أحد..! وقد يكون الإنكار محل إنكار من الآخرين، فكيف ننكر عملاً مباحا؟ الآن نعرف تماماً ما أضرار التبغ، ولكننا أيضاً نعرف ما أضرار السمنة، وهؤلاء المشاهير يدفعون الناس إلى السمنة دفعاً قوياً ودون هوادة، وكل ذلك تحت مبدأ «الأثر الانسحابي»، بل أن الأمر يصل إلى درجة مؤذية وكأن البشر لاهم لهم في هذه الحياة إلا الأكل والشرب، وهذه الصفة تختص بها البهائم ويتنزه عنها الإنسان.. التربية عملية تكاملية بين الأسرة والمجتمع، فلا يصح أن تتخلى الأسرة عن دورها، ولا يصح أن يقوم المجتمع بالنقيض مما هو مطلوب منه! والقضية ليست قضية تجارية تخضع للعرض و الطلب، بل قضية ثقافية تأخذ أبعاداً صحية وسلوكية واجتماعية غاية في الخطورة إذا لم يتم تصحيحها وتأطيرها وفق أنظمة تحفظ حق الأسرة و المدرسة، وعندما أقول المدرسة فأنا أجد أن هناك أثر مباشر يقع على الطلبة من هؤلاء المشاهير الذين يغفلون عن جانب اجتماعي و وطني مهم في توعية الأجيال وعدم ترك الباب موارباً أمامهم لأصحاب المطاعم مما ينتج عن ذلك من هدر للمال الخاص من استنزاف لجيوب الأسر، ولميزانية الدولة في الجانب الصحي من أجل علاج أمراض مثل السكري وغيرها.. ثم أليس من حق المجتمع أن يقوم هؤلاء المشاهير بعرض إعلانات دعائية تثقيفية عن الصحة و الرياضة وأهمية الأكل الصحي في مقابل ما يقدمونه من إعلانات عن الأكل ؟ يبقى سؤال هل مجتمعنا جائع يبحث عن الأكل؟ أم جائع يبحث عن المعرفة؟ أليس الأولى بهم أن يقوموا بثقيف الناس عن العلم وأهميته؟ عن دور العلم في تنشئة الأجيال وبناء المجتمعات؟ ربما يقول قائل: هم أحرار في تصرفاتهم، ولكن هذا الكلام مردود عليه من حيث إن تأثيرهم متعدٍ وهم من أفراد المجتمع الذين يتحملون مسؤولية ما ينتج عن تصرفاتهم من سلبيات وعادات مشوهة.. في الحقيقة أنا لا أطالب بمنعهم من الإعلانات، فهذا حق مكتسب، ولكن لابد أن تكون بضوابط على أن يكون لهم إسهامات في توعية المجتمع لما لهم من قدرة على التأثير.