17 سبتمبر 2025

تسجيل

وقفة مع أداء البورصة القطرية في 2017

31 ديسمبر 2017

قرار لطرح صناديق استثمارية  رغم التحسن الملحوظ الذي طرأ على أداء بورصة قطر في شهر ديسمبر، إلا أن وتيرة هذا التحسن قد تباطأت في الأسبوع الأخير، وتوقف المؤشر العام عند مستوى 8526 نقطة، بانخفاض نسبته 18.31% عن بداية العام 2017. وقد وصفت وكالة «بلومبيرج» الأمريكية، هذا التراجع بأنه من بين أكبر الانخفاضات في العالم هذه السنة، وأن البورصة القطرية ستبدأ عامها الجديد بالقرب من أدنى مستوياتها منذ ثماني سنوات.. واعترفت الوكالة مع ذلك، بأن المحللين والمستثمرين يرون أن بعض الأسهم القطرية يتم تَداولها حاليًا بمستوياتٍ مغرية، وأن الزيادة العالمية في أسعار النفط ستنعكس بشكل إيجابي على أسعار أسهم قطاع البتروكيماويات، وأن طرح صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة القطرية سيؤدي إلى فتح شهية المؤسسات والمُستثمرين الأجانب للشراء.  والحقيقة أنني استبشرت خيرًا بحزمة القرارات التنظيمية التي صدرت مؤخرًا، ومن بينها طرح صناديق الاستثمار، وإقرار التعليمات المنظمة لصانع السوق. إلا أن ما حدث في الأسبوع الأخير من تراجعٍ لأحجام التداول بدلًا من زيادتها، يطرح تساؤلًا مهمًا عما إذا كانت تلك القرارات قد صيغت بطريقة مواتية وإيجابية تُراعي الظروف الراهنة؟ أم أنها بُنيت على أفكار تقليدية؟، إن ما يدفعني إلى هذا التساؤل هو أن متوسط التداولات اليومية في أسبوع ما بعد اليوم الوطني قد ارتفعت إلى 465.6 مليون ريال يوميا، وبدلًا من أن تحافظ البورصة على هذا الزخم القوي، وترتفع أكثر بتأثير تفعيل القرارات المنظمة لصانع السوق، إذا بمتوسط حجم التداول في الأسبوع التالي المنتهي يوم 28 ديسمبر، يتقلص ثانية إلى النصف تقريبًا، وتحديدًا إلى مستوى 252 مليون ريال يوميًا فقط. ومن المهم جدًا في هذه المرحلة أن نعمل على اكتشاف الثغرات ومواطن الضعف في القرارات التنظيمية التي صدرت...  ولعلني أنوه في هذا المقام إلى ما أكد عليه حضرة صاحب السمو الأمير من ضرورة جعل البورصة القطرية أكثر تنافسية لمواجهة الحصار. وتحقيق ذلك يستدعي إنشاء لجنة إستراتيجية مكونة من فعاليات السوق، على أن تكون ذات طابع تنفيذي، ولديها منهج علمي. وإذا كان تنشيط الأداء والارتفاع بمستويات أسعار الأسهم في البورصة هو هدف وطني يصب في صالح الوطن والمواطن، فإن تحقيق هذا الهدف يستحق بعض التضحية من الجهات الرسمية المنظمة، كأن يتم إعفاء صانع السوق من رسوم التداول بالكامل، وأن تتحمل البورصة الخسائر التي قد يتكبدها صانع السوق نظير تنشيطه للتداول، وأن يتاح له البيع على المكشوف حتى يتمكن من توفير الأسهم بشكل مستمر. إن بورصة قطر قد مرت بفترة استثنائية خلال عام 2017 من جراء عاملين مهمين الأول: انخفاض أسعار النفط في عام 2016، وحتى النصف الأول من عام 2017، وما تركه ذلك من أثر سلبي على أرباح كثير من الشركات المدرجة في البورصة.. والثاني: مواجهة قطر لحصار ظالم من الجيران، وما ترتب على ذلك من ضغوط مفتعلة ومتعمدة على مفاصل القطاع المالي، سواء على البورصة بشكل مباشر، أو على السيولة المتاحة في القطاع المصرفي، وعلى سعر صرف الريال القطري من جهة أخرى.  والتقرير الصادر عن وكالة بلومبرج الأمريكية المشار إليه في بداية المقال، والذي يصطاد في الماء العكر- بإيعاز واضح من دول الجوار، هو أحد تلك الضغوط على القطاع المالي القطري.  ومن هنا، فإن دعم صانع السوق الوطني في البورصة القطرية هو أمر في غاية الأهمية في هذه المرحلة، حتى تتمكن البورصة من مواجهة الضغوط السلبية، وكي تستفيد من العوامل الإيجابية الأخرى المتاحة في هذه المرحلة؛ ومنها: أن مستويات أسعار الأسهم لكثير من الشركات مناسبة للشراء باعتبارها تقف دون قيمها الدفترية بكثير، وأن أسعار النفط قد حققت المزيد من الارتفاعات في الآونة الأخيرة، بحيث إن سعر نفط قطر البري على وجه الخصوص قد تجاوز الآن – حسب التقديرات، مستوى 65 دولارًا للبرميل. هذه العوامل الإيجابية وغيرها يمكن أن تدفع أسعار الأسهم والمؤشرات بقوة في عام 2018، إذا ما ساندتها تداولات كبيرة، وهذه التداولات تحتاج إلى سيولة كبيرة قد لا تكون متاحة إلا لدى عدد قليل من المؤسسات المالية في هذه الفترة الاستثنائية.