13 نوفمبر 2025
تسجيلاهتمام سعادة أحمد بن عبد الله آل محمود بموضوع دارفور له معانٍ كثيرة وليست عادية إذا تمت دراستها بعمق كبير، حيث إن هذا الرجل المبارك قد وفّقه الله بأن يساعد في حقن دماء المسلمين والسعي للصلح بينهم، امتثالا لأمر القرآن (فأصلحوا بين أخويكم)، ولأن سعادته معروف عنه أنه رجل جاد ومخلص فيما تكلفه به حكومته، ممثلة في أميرها الذي يريد السلام والاستقرار للأمة. ورغم أن سعادة آل محمود أصبح نائبا لرئيس الوزراء، لم يمنعه ذلك من متابعة الملف الذي بذل فيه جهوداً كبيرة، والدروس المتحصلة من تجربة النجاح لسعادة أحمد آل محمود أن الرجل قد امتاز بصبر كبير، لأن القضية شائكة، ولعدم وجود الثقة وتعدد الأطراف وتعدد القضايا، من سياسية إلى أمنية إلى علاقة مع دولة الجوار تشاد إلى الوضع الإنساني إلى الوضع التنموي إلى تشابك القضايا إلى طبيعة المنطقة. لذا لم يكتفِ سعادته بمعالجة ملف واحد ورأى الشيخ بحكمة أن القضية تحتاج إلى طول نفس وحكمة ومتابعة، فإنها لن تحل بجلسة وكلمات ولكن لابد من السعي واستمرار الجهود من قبل آل محمود لبناء الثقة بين جميع الأطراف لأجل الرحمة بالأبرياء والمواطنين ورفع المعاناة عنهم. فقرر قبول التحدي والصبر وفعلا لم يأبه سعادته للقضايا الجانبية والتشنجات التي تعصف بالجهود وتترك هذا البلد هدفا لأطماع الأعداء، فقرّب وجهات النظر وسافر، ومما ساعد الشيخ أحمد طبيعة السودانيين، فهم مهما اختلفوا فعندهم من الأخلاق واحترام الآخر وأدب الحوار، وهذا ساعده كثيرا وجعله يرجو ويأمل الوصول إلى الحل بالتدريج، وفعلا سارت الأمور سيرا جيدا وحقق نجاحا عظيما. وقد حضرت أحد هذه اللقاءات فوجدت جهودا كبيرة وغير عادية، كان الرجل لا يعرف الراحة ورأيته حتى لا يعرف شيئا اسمه إجازة، حتى الطعام كان يأكل آخر الوقت لانشغاله بما هو أهم، وهو الرغبة في حقن دماء المسلمين وإعادة الاستقرار للمنطقة كنموذج لغيرها.والرجل كانت له مساهمة سابقة في حل مشاكل اليمن إلا أن ألاعيب الرئيس السابق ومن معه لم تساعده في تحقيق الهدف، بالإضافة لأطماع إيران وتدخلها في إفساد مثل هذا العمل بسبب الجهل والتخلف عكس السودان التي يوجد بها ناس يحملون ثقافة وتعليم كبيرين. وعندما رأى الجميع عدم انحياز الشيخ وإصراره على السلام والاستقرار وإدخال السعادة للأطفال والنساء والشيوخ، الكبار والفقراء وجدوا أنفسهم أمام موقف إنساني وإسلامي عربي مخلص، ولذا فقد كان لذلك دور في إذابة الجليد، مما ساعد على نجاح الحوار وتوسعه. واستمر الشيخ رغم انشغاله بالمهمات المنوطة به، لأن هدف الشيخ أحمد ليس لتسجيل مواقف وضجة إعلامية ودعائية، وإنما كان هدفه أسمى من ذلك بكثير، كيف وهو من أسرة معروفة ووالده وإخوانه بذلوا جهودهم وأوقاتهم لنصرة القضايا وهموم الناس، لأن أباهم أحسن تربيتهم.أراد سعادة آل محمود أن يقدم نموذجا لحل للنزاعات في العالمين العربي والإسلامي، وأراد أن يقول للجميع حل النزاعات لا يكون بجلسة ولا بضجة إعلامية ولابد من معرفة طبيعة النفوس والتعامل معها بحلم وحكمة ومراعاة الظروف المتراكمة سنوات، ولا يمكن حل مشاكل سنوات في ساعة أو جلسة أو جلستين. لذا انطلق الشيخ من منطلق أن تكون هذه تجربة نموذجية وأجمل ما في جهود الشيخ أحمد هو إشراك أطراف عربية وإسلامية في الموضوع، كالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية وغيرهم والمنظمات الدولية حتى تتضافر الجهود، وهذه تجربة قطرية رائدة أريد لها النجاح ليتم تطبيقها في عدة نزاعات كنموذج حضاري نابع من مبادرتنا التي سبقتنا بها المؤسسات الدولية لو أحسنا الإعداد والهدف.فقد بادر سعادته إلى الصلح بين تشاد والسودان ونجح. حققت مبادرات قطر التي قام بها آل محمود نجاحا غير عادي وتوصلت إلى سلام واستقرار، ولكن سعادته وبتوجيه ودعم من أمير البلاد ورئيس مجلس الوزراء لم يكتفِ بهذا الجانب، فكان هناك العامل المهم للاستقرار وهو التنمية الذاتية من خلال إنشاء بنك دارفور لتنمية المنطقة، وكذلك لتتم الاستفادة منه في إفريقيا كلها، وهذا مشروع عملاق كبير ومهم جداً فهو دليل مصداقية المساعي، وليرسو السلام وليخفف معاناة الناس والمهجرين. والحقيقة أن الدروس المستفادة من هذه التجربة لهذا البنك هي أن التنمية مع مرافقتها بالتعليم هي أساس الاستقرار والنمو والنجاح. كثير من الدول عانت من الحروب والفتن وعند العمل التنموي والتعليم طلقت الحروب وأصبحت دولا لها شأنها، كالهند وفيتنام وبرويتوريا وتايلاند وغيرها، عاش الناس فيها بسلام وقبلوا بالتعايش، لذا فإن تعاون المؤسسات التنموية والتعليمية والإنسانية الإغاثية والصحية لو عملت كفريق واحد، لأصبحت حلا لكثير من قضايا الأمة. والعمل اليوم لا يحتمل الفردية أبدا، ونحن بحاجة إلى تقديم نموذج بالتنسيق بين هذه المؤسسات والعمل ضمن برنامج واحد تنموي تعليمي إغاثي، وهذا يقتضي المبادرة لإعداد جلسة للمنظمات والهيئات الإغاثية والتعليمية والإعلامية والدينية والتنموية لوضع برنامج مشترك في الملفات الساخنة، وبالعمل المشترك سنحقق أهدافا كبيرة.لذا، فإن مبادرة لعقد لقاء للمؤسسات الإنمائية والمؤسسات التنموية الخليجية من البداية بصفتها دولا مانحة لوضع خطة تحظى بمبادرة من الدول وعرضها على المجلس في اجتماعاته السنوية لإقرارها ستكون أكبر مشروع حضاري لدول مجلس التعاون، وتكون الخطوة الثانية للتعاون والتنسيق مع الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وإقرار الشراكة مع المؤسسات الدولية، فإن ذلك سيساعد على الاستقرار وإصلاح شؤون الناس وعودة الأمانة وسيمنع دعاة الإرهاب والعنف ودعاة الفتن من أن يجدوا مكانا بل سيجدون أنفسهم معزولين.