16 سبتمبر 2025
تسجيلالعالم يودع عام 2014 بانهيار النفط والروبل الروسي وأزمة اقتصادية تلوح في الأفق،قد تقودنا إلى الركود، بعد أن شهدت أسواق الطاقة العالمية تراجعا كبيرا مع ظهور طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة، ومن ثم استخدام النفط كسلاح اقتصادي من أجل معاقبة إيران وروسيا سياسيا، بما أدى إلى بداية رحلة الهبوط الحاد والسريع في أسعار النفط، التي تحاصر الجميع الآن ونحن نستقبل عام2015، ومنذ الربع الأخير من العام 2014، والخطورة في ذلك أن هناك توجهات ومحاولات غربية وأمريكية للاستغناء عن النفط العربي، من خلال مشاريع عملاقة للنفط الصخري البديل عن النفط التقليدي، وإن هبوط أسعار النفط جعلت من هذه المشاريع غير ذات جدوى اقتصادية، وهو ما سيعيد الأمريكيين مجدداً إلى النفط التقليدي القادم من الخليج إلى حين، وحتى تتمكن من تكرار المحاولة مرة ثانية، والمخاوف التي تحاصر منتجي النفط كثيرة، خاصة في الدول التي تتربع على عرش إنتاج النفط مثل المملكة العربية السعودية أكبر منتجي النفط في منظمة «أوبك» حيث تنتج نحو عشرة ملايين برميل بترول يومياً، وروسيا التي تنتج الكمية ذاتها تقريباً لكنها ليست عضواً في منظمة «أوبك»، وحقيقة هذه المشاهد أنه قد يتكرر سيناريو الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت في عام 2008، ولكن الأزمة ربما تبدأ من تأثر الاقتصادات العربية من تداعيات انهيار أسعار النفط التي تلقي بظلالها على الأوضاع الاقتصادية بل والسياسية والاجتماعية أيضا،وعلى كافة الأسواق المالية والبورصات في منطقة الخليج التي منيت بخسائر حادة كبدت العديد من المحافظ الاستثمارية وكبار المستثمرين خسائر كبيرة، خاصة مع وجود مشاكل في هيكلة الاقتصاد والتركيبة السكانية وزيادة أعداد الباحثين عن عمل، وزيادة الأيد العاملة الوافدة عن مستوى المعدلات الآمنة، وكذلك ارتفاع معدلات التضخم بنسب متفاوتة، وفي الأشهر الأخير سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة أعلى نسبة تضخم بلغت 3.11%، تلتها دولتي الكويت وقطر بنسبة 3.0% لكل منهما، والمملكة العربية السعودية بنسبة 2.6% ومملكة البحرين بنسبة 2.5%، بينما سجلت سلطنة عمان1.02% وهو المعدل الأقل بين دول المجلس، وهي مؤشرات عن تراجع القيمة الشرائية للعملات وارتفاع الأسعار، باعتبار أن انخفاض الطلب العالمي على النفط يمثل شبه كارثة على الدول المنتجة والمصدرة للنفط خاصة التي لازالت تعتمد على النفط كمصدر وحيد وأساسي للدخل، وأغفلت خطط تنويع مصادر الدخل من خلال البدائل المتاحة لديها مثل القطاع السياحي أوالزراعي أو السمكي وهي قطاعات مهمة يمكن أن يعتمد عليها في زيادة الدخل القومي إذا تم الاهتمام باستثمارها مبكرا، لأن الكارثة الحقيقية هي تعرض بعض الاقتصادات لهزات عنيفة قد تستنزف الاحتياطيات من العملات الصعبة وصناديق الاحتياطي المحلي المخصصة للمستقبل،إلى جانب صناديق الاستثمار السيادية، التي تضررت من آثار هبوط أسعار النفط، إلى جانب تعرض ميزانية الدولة للعجز مع نقض الموارد، قد تؤدي إلى توقف المصانع والشركات، وكذلك تراجع الإنفاق الحكومي، الذي ينتج عنه آثار سلبية بالغة على النمو الاقتصادي، يؤدي إلى تسريح أعداد كبيرة من الأيد العاملة بما فيها الأيد العاملة الوطنية، نتيجة لنقص السيولة وارتفاع معدلات الفائدة على القروض، وضعف الموارد اللازمة لتغطية مرتبات الموظفين عند استمرار سعر برميل النفط تحت مستوي 60 أو 70 دولارا، بما يمثل ضغوطا أخرى على المجتمع بعد زيادة عدد العاطلين والمتعطلين عن العمل، الذين يمثلون قنابل موقوتة،تهدد الأمن الاجتماعي، ولاشك أن ذلك يتطلب من دول المنطقة أن تعي الدرس جيدا وتسعى إلى الاهتمام بتنمية الموارد البشرية والاستفادة من الفوائض النفطية، في الاستثمارات طويلة المدى والمشروعات التي تعتمد على المواد الأولية المحلية القادرة على استيعاب طاقات الشباب الكامنة، وتوجيهها إلى التنمية المستدامة والمشروعات الإنتاجية، التي يمكن أن تسهم في توفير العديد من فرص العمل الجديدة، التي يمكن أن تعوض النقص في الموارد نتيجة أي تراجع لأسعار النفط في المستقبل، حتى لا نضع أنفسنا للتفكير دائما تحت ضغوط الأزمات.