21 سبتمبر 2025
تسجيلمرّت أكثر من تسعة شهور على بدء الثورة السورية ، وقد خاض فيها القاصي والداني دون أن نسمع أو نقرأ تصريحاً لحركة حماس – باستثناء تصريح يتيم ومقتضب جداً في الأيام الأولى - حول موقفها من الوضع السوري على غرار موقف حزب الله وإيران ومن يحسبون على ما كان يسمى بمحور المقاومة والممانعة. فجأة ، وبعد كل هذه الشهور تخرج حماس للتحدث بأريحية عن الموضوع السوري ، وهذا ما بدا في تصريح مكتوب للحركة في 24 من الشهر الجاري تقول فيه إنها بذلت ولا تزال تبذل الجهود لحل الأزمة في سوريا سياسياً بعيداً عن العنف وسفك الدماء ، ثم جاء الحديث المطول لرئيس المكتب السياسي للحركة الأستاذ خالد مشعل مع الزميل محمد كريشان عبر قناة الجزيرة ضمن " لقاء خاص "، تحدث فيه عن الأزمة السورية. وقد بدا الأستاذ مشعل مرتاحاً خلافاً لما كان يشاع من أن الحركة تحاول عدم الخوض في الموضوع السوري حتى في ذروة اللغط الذي تناول خروج قيادات الحركة من دمشق الى غزة بعد تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية. لم يفصل مشعل في الأسباب التي دفعت بعض قيادات الحركة وكوادرها للخروج من سوريا بل تحدث عن دعمه لقيم الحرية والعدالة والديمقراطية التي تطالب بها الشعوب العربية ومنها الشعب السوري على ألا يكون ذلك على حساب السياسسة الخارجية التي اعتمدتها سوريا في علاقتها مع المقاومة. وانما استمع للسيد مشعل تذكرت تصريحات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول الوضع السوري ، وكان بودي أن يكون كلام نصر الله مماثلاً لكلام مشعل ، فغالبنا كان ينظر بتقدير واحترام للدور الذي يقومان به في مواجهة الإحتلال ، إلا ان الأزمة السورية حدّت كثيراً من عدد الداعمين لحزب الله لموقفه القاسي بحق الشعب السوري وتبنيه وجهة نظر النظام بكل تفاصيلها ، هذا في حال لم تصح – ونرجو ألا تكون – الانباء التي تقول بتورط حزب الله عسكرياً ولوجستيا إلى جانب التيار الصدري والحرس الثوري الإيراني بدعم النظام في قمع الشعب السوري . فما الذي كان يضير حزب الله لو اعتمد نفس النهج الذي انتهجته حركة حماس في الموضوع السوري . فحزب الله لا تعيش قياداته في سوريا كما هو الحال لحركة حماس ولا يعقل أن يكون على علم بحقيقة الاحداث أكثر من حماس . وكان بودي أن يتعلم حزب الله من حركة حماس التي تعملت من تجربة حركة فتح تاريخياً حيث أن فتح تورطت في ملفات البلاد التي لجأت اليها قياداتها بدءاً بالأردن وأيلول الأسود مروراً بلبنان وحرب أبو عمار في طرابلس وصولا إلى الخليج ودعم الرئيس ياسر عرفات لنظام صدام في غزو الكويت في العام 1990 وما جرّه ذلك من ويلات على الفلسطينيين حتى يومنا هذا . لقد تعلمت حماس من تجربة فتح أنه لا يجوز للفلسطيني ، مهما كبر حجمه ، ألا يكون له دور سلبي في البلاد التي لجأ إليها ، فهو ليس أكثر من لاجئ يبحث عن داعم لقضيته المركزية وهي قضية فلسطين ، ما عدا ذلك هو صرف للنظر عن القضية الأساسية للشعب الفلسطيني.. أحسن مشعل في حديثه وأخرج حركته من أيّ حرج حين برر موقف الحركة المقتضب من الوضوع السوري بقول النبي عليه الصلاة والسلام : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " فالحركة راعية ورعيتها هم الشعب الفلسطيني وهي بالكاد تقوم بواجبها الأساسي تجاه رعيتها.. لكن حين تُسأل وتستشار في موضوع آخر فإنها تقول وجهة نظرها ولا تجد فيه حرجاً وهي حريصة على الشعب السوري وفاءاً له كما هي حريصة على سياسات سوريا الخارجية التي دعمت المقاومة في كل مراحلها .. هل كان يصعب على حزب الله أن يقول ذلك؟ أم أنه يريد أن يكرر تجربة أبو عمار بعدما وجد أن لبنان بات صغيراً عليه ؟ وهل قدر عليه ألا يستفيد من تجربة المارونية السياسية في لبنان ؟.