17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا شك أن أردوغان قد حقّق لتركيا الاستقرار والنمو وهي المعادلة الصعبة التي افتقدتها منذ انهيار الخلافة العثمانية وتأسيس كمال أتاتورك للجمهورية التركية فمنذ ذلك التاريخ شهدت تركيا العديد من الاضطرابات والانقلابات العسكرية التي نجم عنها استئثار العسكر بالحكم وانعدام الاستقرار وتدني نسب النمو وغياب الديمقراطية وتفاقم مشاكل الأقليات. أردوغان وضع تركيا بقوة ضمن مجموعة الدول العشرين الأقوى اقتصاديا في العالم، وحقق معدلات نمو عالية لذلك فقد انفرد حزبه بحكم تركيا من 2002 إلى 2015 بيد أن صعود أردوغان إلى رئاسة الجمهورية وتخليه عن رئاسة مجلس الوزراء وقيام حزبه بتجديد قياداته بقيادات جديدة غير معروفة ومعارضة الأحزاب الأخرى لنيته بتعديل الدستور أدت إلى ذهاب نسبة مهمة من أصوات الناخبين إلى الأحزاب الأخرى وأدت إلى تخطي حزب الشعوب الكردي لحاجز الـ 10% ودخوله البرلمان وهو الأمر الذي أفقد حزب العدالة والتنمية فرصة تشكيله الحكومة منفرداً وطوال الأسابيع الماضية ذهبت جهود تشكيل الحكومة الائتلافية أدراج الرياح وهو ما دعا البرلمان والرئيس إلى الدعوة لانتخابات جديدة مبكرة تنطلق في نوفمبر القادم. والسؤال هو: ما هي فرص نجاح أردوغان وحزبه في هذه الانتخابات؟ وهل سيكون في مقدورهما الحصول على الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة خالصة من حزب العدالة والتنمية؟ وهل سيكون من نتائج هذه الانتخابات تعديل الدستور سواء أكان ذلك من خلال البرلمان إذا سيطر عليه الحزب أم من خلال استفتاء عام؟ ثم ماهي التحديات التي تواجه أردوغان وحزبه خاصة بعد دخوله الحرب ضد داعش التي توعدته بالويل والثبور واستئنافه القتال ضد حزب العمال الكردستاني؟ حزب العدالة والتنمية يحتاج إلى رفع عدد نوابه إلى 330 نائبا، ليتمكن من إصدار قرار بإجراء استفتاء على التعديلات الدستورية التي يرغب في إنجازها الرئيس أردوغان أما إذا حالفه الحظ ونال حزبه 367 مقعدا - أي أغلبية الثلثين - فإن ذلك يعني أن الحزب يستطيع تمرير التعديلات التي يريد دون الحاجة إلى استفتاء عام، وذلك بموجب الدستور الحالي. الدعوة إلى انتخابات تركية مبكرة وصفت من قبل رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار أوغلو بأنها انقلاب مدني يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان وأن الأخير أفشل المشاورات التي جرت لتشكيل ائتلاف حكومي مع الأحزاب الأخرى عمدا لتنظيم انتخابات مبكرة قد تعيد لحزبه الحاكم الأغلبية التي يريدها وقال إن ما جرى يعيد إلى الذاكرة تاريخ تركيا الذي شهد ثلاثة انقلابات عسكرية في الأعوام 1960 و1971 و1980.ويأتي هجوم رئيس حزب الشعب نتيجة لمخاوفه من حصول أردوغان وحزبه على الأغلبية المطلقة أو العدد الكافي لتعديل الدستور وهي مخاوف في محلها فما كان أردوغان ليقامر بدخوله في حرب ضد داعش وضد حزب العمال الكردستاني لولا حساباته الدقيقة وقد أشارت الصحف الغربية ومنها الألمانية على وجه الخصوص إلى أن " أردوغان يسعى من وراء هذه الحرب إلى قلب الأوضاع لصالحه، وأن الرئيس التركي استغل فرصة محاربة تنظيم "داعش" لكبح جماح خصمه اللدود (العمال الكردستاني)". كما أظهر استطلاع لمؤسسة رصد التركية سونار أن حزب العدالة والتنمية قد يحصد أصواتًا كافية لاستعادة الأغلبية البرلمانية التي خسرها في انتخابات يونيو الماضي لو أجريت على الفور انتخابات مبكرة"، وأنه قد يحصل على 42.9% من الأصوات. وهناك من الخبراء والمحللين من تنبأ بفوز أكبر للعدالة والتنمية وحصوله على الأغلبية المطلقة بسبب فشل محتمل لحزب الشعوب الديمقراطي في الحصول على 10% من الأصوات وهي عتبة دخول البرلمان وذهاب أصواته جلها إلى حزب العدالة والتنمية بينما سيحصل حزبا المعارضة الشعب الجمهوري والحركة القومية اليميني على ما حصلا عليه سابقا دون زيادة وهذا ما استنتجته صحيفة "زوددويتشه" الألمانية. ويؤكد هذا التوجه تأييد أكثر من نصف الأتراك تبكير الانتخابات بحسب استطلاع سونار وربما أسهمت الحرب على داعش وحزب العمال الكردستاني في تحول مهم في توجهات الناخب التركي الذي لم ينس ماسببه حزب العمال الكردستاني من خسائر في أرواح الأتراك تجاوزت الأربعين ألف نسمة كما بات منشغلا بالخوف من تدني نسب النمو وضياع المكاسب التي حققتها تركيا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية وذهاب الاستقرار الذي نعمت به تركيا طوال 13 عاما وربما كانت الرغبة في الاستقرار والنمو واحدة من أقوى الأسباب التي سترفع من نسبة التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية. وإذا كانت الفرص كبيرة فإن التحديات التي تواجه حزب العدالة والتنمية أيضا كبيرة فثمة خوف من التحول للنظام الرئاسي من جانب البعض وربما كان ذلك واحدا من الأسباب التي قلصت نسبة فوز الحزب في انتخابات يونيه الماضي وربما كان لتهديدات داعش أثر على قطاع السياحة ثم إن تدني النمو وانخفاض سعر الليرة التركية هذه الأيام إلى مستويات قياسية يمثلان سلاحا ذا حدين قد يكسبان حزب العدالة أصواتا وقد يسلبانه أصواتا والأمر يتوقف على مآلات الحرب ضد حزب العمال الكردستاني وداعش التي ستمنع من التمدد والتواجد على طول الحدود السورية مع تركيا طبقا للاتفاق الذي أبرمته تركيا مع الولايات المتحدة وقال بصدده وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الاثنين 24 أغسطس إن تركيا والولايات المتحدة ستبدآن قريبا عمليات جوية "شاملة" لإخراج مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من منطقة في شمال سوريا متاخمة لتركيا.وإن حلفاء إقليميين قد يشاركون فيها.. بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا". وربما كانت تلك الخطوات التنفيذية الأولى لتحرير منطقة آمنة تستوعب قرابة المليونين من السوريين الموجودين على الأراضي التركية وتعد هذه نقطة جيدة في صالح حزب أردوغان وسيئة بالنسبة لحزب الشعب الجمهوري الذي ينادي بطرد السوريين وإقامة علاقات طيبة مع النظام السوري. ومن التحديات التي تواجه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات القادمة الكيان الموازي أي جماعة فتح الله كولن التي تتبنى الإسلام الاجتماعي والذين وصفوا بأنهم دولة داخل الدولة التركية، وأنهم رسخوا وجودهم بقوة في الشرطة والقضاء والجهاز البيروقراطي للدولة ويتنصتون ويفبركون أحيانا أشرطة تدين شخصيات في حزب العدالة والتنمية بالفساد لكن إحصاءات حزب العدالة والتنمية تقول إن الأصوات المؤيدة لهم لا تزيد عن 3% بينما قالت مصادر أخرى إنها مابين 3 ــ 8 % فقط كما تمكنت السلطات من تقليم أظافر هذه الجماعة وتطهير أجهزة الدولة منها ومن التحديات التي تواجه الحزب تغييره لـ 70 من قياداته ووزرائه ونواب دوائره وهؤلاء ليسوا معروفين للناخبين كما كان سابقوهم بسبب مادة في نظام الحزب الأساسي تحظر الترشح لأكثر من ثلاث مرات متتالية.ومن التحديات كذلك تحالف كل أحزاب المعارضة ووسائل إعلامها ضد أردوغان وحزبه وتجنُّبها انتقاد بعضها البعض وهو ما اعتبره داود أوغلو تعاونًا بينها وبين الكيان الموازي ضد حزبه ورغم جهود أردوغان المتميزة ورفعه القرآن الكريم بيده وتدشينه لمشروعات عديدة واحتفائه بسقوط القسطنطينية إبان الحملة الانتخابية السابقة إلا أن التخوف من التحول للنظام الرئاسي حمل بعض مؤيديه على إعطاء أصواتهم لغير حزبهم متأثرين بالدعاية المضادة التي تصور أردوغان سلطانا عثمانيا مستبدا إذا تحول النظام الحالي إلى نظام رئاسي. لكن مما لاشك فيه أن ما تمر به تركيا اليوم من تحديات فرضت عليها ولم تسع إليها ستوحد الأتراك خلف أردوغان وحزب العدالة والتنمية ففي الأوقات الصعبة تبرز معادن الشعوب وصلابتها كما أن الاستقرار والتنمية التي حقّقها الحزب طوال حكمه سيظل دافعا للأتراك لمنح الحزب على الأقل الأغلبية المطلقة التي يسعى إليها ويؤكد هذا ما أشارت إليه استطلاعات الرأي التي أُجريت بعد الانتخابات الأخيرة والتي أكدت أن الحزب سيستعيد تلك الأغلبية بسبب تغير في توجهات الأتراك مرده إلى ما تواجهه البلاد من تحديات وبسبب التغير المحتمل في نوايا من صوتوا لصالح الأكراد فهل يستعيد حزب العدالة والتنمية مكانته ويمضي قدما ليستكمل بناء تركيا الحديثة ويحقق أردوغان حلمه بتصنيع تركيا لأول طائرة حربية كاملة بحلول 2023..هذا ما نتوقعه بإذن الله تعالى ومشيئته.