19 سبتمبر 2025
تسجيليمكن للمتابع فقط خلال الأسبوعين الماضيين أن يرى حجم النشاط الدبلوماسي للرئيس أردوغان سواء من محادثات الناتو التي التقى خلالها مع بايدن واستقباله لزيلينسكي في أنقرة قبل ذلك وصولا إلى الجولة الخليجية التي شملت السعودية وقطر والإمارات ثم المرور بقبرص لافتتاح مطار بها، ثم استقبال الرئيس الجزائري ثم الرئيس الفلسطيني والنية للقاءات مع الرئيس المصري وزيارة لليبيا وغيرها، وتشمل كل هذه النشاطات مكاسب لتركيا ظهر أبرزها على المستوى الاقتصادي خاصة في الجولة الخليجية الأخيرة. وكذلك على المستوى الاستراتيجي من ربطه لمحادثات انضمام السويد للناتو بتسهيلات من الاتحاد الأوروبي وكندا والأهم ربطها بتسهيل إتمام صفقة إف16 التي تمس الحاجة إليها في تركيا بعد صعوبات واعتراضات من الكونجرس على إتمامها. وقبل كل ذلك اجراءات وتعديلات قانونية في كل من النمسا والسويد لمواجهة التنظيمات الإرهابية التي تكافحها أنقرة وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني. في ظلال هذا المشهد هناك صورة أخرى تتربع على الأجندة الداخلية وهي صورة أحزاب المعارضة التركية وخاصة الحزب الأكبر فيها حزب الشعب الجمهوري الذي لم يستطع أن يتعافي حتى الآن من تداعيات انتخابات مايو 2023. وفي هذا السياق فقد تصاعدات المواجهة بين رئيس الحزب كمال كليجدار أوغلو وبين رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي يمني نفسه بالحصول على موقع رئاسة الحزب التي لا زال كليجدار أوغلو يتشبث بها. وقد حدثت ضجة كبيرة الأسبوع الماضي عندما تم تسريب اجتماع أونلاين بين إمام أوغلو وعدد من قادة وكوادر حزب الشعب الجمهوري للتخطيط في كيفية وصول إمام أوغلو لرئاسة الحزب والعجيب هنا تمثل في مشاركة قيادات تعتبر مقربة من كليجدار أوغلو مثل أوزجور أوزال رئيس كتلة حزب الشعب الجمهوري في البرلمان التركي. يعتقد مقربون من حزب العدالة والتنمية أن أزمات حزب الشعب الجمهوري ستستمر على المدى القريب والمتوسط وأن حزب الشعب الجمهوري يتم إدارته من قبل أشخاص غير أكفاء وغير مؤهلين ولا يفهمون مجتمعهم جيدا. كان آخر التصريحات التي أثارت جدلا هو تصريح كليجدار أوغلو الذي جاء بعد ضغوطات متصاعدة ضده بعد فشله في الانتخابات الأخيرة تدعوه لتحمل المسؤولية عما حدث والتنحي عن رئاسة الحزب لصالح قيادي آخر ودماء جديدة، إلا أن كليجدار أوغلو قال إنه مستعد للتخلي عن رئاسة الحزب وتسليمها لشخص آخر ولكنه مستعد لذلك فقط إن كان هناك شخص ماضيه نظيف على حد وصفه. وفي الحقيقة هذه إشارة واضحة وليس تلميحا أن كل الأشخاص والقياديين الذين ينافسون حاليا ويطالبون برئاسة الحزب هم أشخاص ماضيهم غير نظيف بالنسبة لكليجدار أوغلو وهذا ينال مجموعة من نخبة حزب الشعب الجمهوري وعلى رأسهم أكرم إمام أوغلو. أمام هذه الصورة قد يكون حزب العدالة والتنمية مرتاحا في التأكيد للرأي العام أنه وتحالفه كان الأفضل للفوز بالانتخابات وهو ما حدث وأن واقع المعارضة التركي بهذه الحالة كان لا يمكن بأي حال أن يكون مناسبا لحكم تركيا وقيادتها نحو الأفضل. سيكون الاختبار الأقرب والانعكاس الأهم لهذا المشهد في مارس 2024 في انتخابات بلدية اسطنبول وأخواتها من البلديات الكبرى حيث سيكون حزب الشعب الجمهوري أمام مأزق كبير في ظل الخلاف المتصاعد بين رئيس البلدية ورئيس الحزب.