13 سبتمبر 2025

تسجيل

وإنّا لمفجوعون

31 يوليو 2016

عبد العزيز، لازلنا وبعد أيام من رحيلك المر؛ نرتشف الحزن بصمت وهدوء، نبكيك في أعماقنا كما لم نبك من قبل، نحترق حزنا عليك وحزنا على أن كل كلماتنا فيك لن تصلك، ولن تكون هنا لتقرأها ولن تكون بيننا لترى اسمك في كل مكان في الصحف والبرامج والمسارح والمجالس والشوارع والأمسيات، وفي القلوب عشت بهدوء آسر عميق ورحلت بهدوء موجع وأليم، لنا نحن الذين أحببناك وحملناك في قلوبنا شمعة حب وعطاء ولحن إبداع وجمال.. كنت أبكي طويلا كلما سمعت صوت الراحل فرج عبد الكريم يشدو بالكلمات، لم تكن الأغنية تبدأ إلا والدموع تغرق عيوننا حزنا على رحيله وشوقا لصوته الذي ما زال يعيش خالدا بيننا وينبض بإحساسنا ومشاعرنا ولكن كيف يكون الحال بعد رحيلك، حيث نبكي الصوت واللحن معا، ترحلون كما ترحل الشهب في لحظة إضاءة ووهج تترك الدهشة والجمال وروعة السحر وترحل وتنطفئ فما الذي يبقى بعدكم غير أثركم الجميل الذي أتمنى من كل قلبي أن نظل نحتضنه ونتمسك به بحرص ليبقى نهجا لأجيالنا القادمة وليس مجرد اسم يتردد ويذكر. عبد العزيز، رحلت من دون وداع لكن رحيلك أحدث ضجة في قلوب محبيك ونزفت الأقلام بعدك وبكت واختنقت الأصوات حزنا رحلت في هدوء الخاشعين الآمنين الذين يرحلون واثقين، انطلاقا مما زرعوه من جمال وعطاء مثمر في أراضيهم.. رحلت لتعلمنا أن الخلود حقا في المآثر المعطاءة المعبرة عن عمق المحبة والإخلاص للوطن وأهل الوطن.. لن أتكلم عن الخصال فتلك معروفة ولن أذكرها خوفا من أن أكون مظهرة لما امتنعت أنت عن إظهاره في حياتك حيث كنت دوما بعيدا عن الرياء والمباهاة رافضا لأي ظهور، وكم حاولت بنفسي في تسجيل لقاءات معك فترفض وترشح لي أسماء أخرى بمنطق الأب الحنون الحريص على دعم كل من حوله.. لن أكتب هنا عن أعمالك لأن الكتابة عنها ستكون كثيرة مستقبلا في كل الاتجاهات، ولأن الكتابة عنها فاضت مثل نهر يتفجر حبا وفخرا من أنامل معطاءة صادقة ومقدرة ومثمنة لجهودك النادرة التي أعتقد أنها من المستحيل أن تتكرر.. وداعا عبد العزيز ناصر، وداعا أيها الأستاذ الأخ والأب والصديق، وعلى روحك السلام.. فلتنعم بما أعده الله للصالحين والأبرار من نعيم تنسى به لوعة الفقد وفراق الأحبة، فقدنا برحيلك دنيا من الجمال والحب، وإننا برحيلك مفجوعون يا عبدالعزيز.