14 سبتمبر 2025

تسجيل

حماس لم تتغير.. أما إيران فليست إيران الأمس

31 يوليو 2015

إيران ومن لف لفها يروجون أن حماس تبيع مواقفها، وأنها لا يوثق في مبادئها، ويستدلون على ذلك بأنها تخلت عنهم وتحالفت مع نقيضهم التاريخي - السعودية – في لحظة فارقة، ويقولون " كان المتوقع من حماس أن تكون أكثر مبدئية في التعامل معهم.. يفهم أنهم غاظهم تقارب حماس والسعودية، وأنهم يريدون تشويه صورة علاقات حماس والاتكان للثقة بها، ويحاولون في الجهة الأخرى أن يقولوا لحماس إن السعودية اليوم وهي تواجه تحديات كثيرة ليست سعودية الأمس ولا يتوقع منها أكثر من كلمات المجاملة والاستقبالات شبه الرسمية وأنها ستبيعهم عند أول فرصة.. وأقول: لو كانت حماس كما يقولون – تبيع مواقفها وتبني على المصلحة فقط - فلماذا لم تتغير علاقتها بقطر وتركيا وبقية المنظومة العربية والإقليمية التي لم تغير مواقفها القديمة؟ ثم لماذا تسعى ليل نهار للمصالحة الفلسطينية رغم ما تفعله فتح في الضفة من الاستمرار في الانقلاب وتخريب عملها وتعطيل المؤسسات الديمقراطية.. لا أيها السادة فإيران بما تدعي على حماس هي تنسج على ذات المنوال الذي طالما نسج عليه آخرون ممن كانوا يتهمونها لمّا كانت تتقارب مع إيران..فكلتا الجهتين وفي كلا الحالين يظنون أن حماس وهي معهم يجب أن تكون ضد سواهم وإن كانت مع سواهم فهي تلقائيا ضدهم، وكلهم ينطلقون من منطلق أن على حماس أن تبيع نفسها بالمصالح والوساطات وأن يكون ولاؤها لهم مطلقا وذوبانا وتهالكا.. أما الحقيقة وما عليه حماس فعليا وتاريخيا فهو أنها في وارد فلسطين وليست في وارد بيع أو شراء ؛ وعلى تقييم علاقاتها أساس القضية الفلسطينية تقاربا أو تباعدا.. والسبب بسيط بقدر ما هو جوهري ؛ هو أن حماس ذات بعد عقائدي لا يقبل الذوبان أو التشتت أو الولاءات المتعددة، والسبب أيضا أنها استفادت من تجارب المنظمات الفلسطينية العلمانية التي كانت قيمة وقامة ثم غرقت في الولاءات خارج الفلسطينية فتلاشت وانتهت لمصالح ومعادلات أشخاص ؛ وثمة سبب ثالث أيضا هو أن فلسطين تستوعب كل الدعوم من كل الجهات، وأنها يجب أن تشكل نقطة الملتقى لا المفترق ولا التنافر بين الداعمين.. أما وصف السعودية بمنطق تقليل القيمة والأثر وتواجه تحديات ؛ فهو تزوير للحقيقة وأقرب للترويج الدعائي ؛ وإلا فالسعودية أقل تعرضا للخطر من إيران والمشروع الفارسي في المنطقة الذي يواجه تحديات وجود محليا وإقليميا ؛ فإن كانت هذه مسألة حاسمة فهي إذن لصالح التقارب مع السعودية لا مع إيران.. غير أن السعودية في الواقع تحتفظ بميزة المكان والمكانة في الدين وفي العالمين العربي والإسلامي ولها وزنها الإقليمي والدولي والمالي، ما يجعلها قادرة على التأثير الحقيقي في كل معادلات المنطقة.. وأما النظر لتطورات العلاقة بين حماس والسعودية من زاوية المصالح وسياسات الاحتواء.. فأين المشكلة أصلا في أن تكون بين الإخوة والأشقاء مصالح ومنافع وتبادل للخدمات؟ وهل كانت إيران يوم وطدت علاقاتها مع حماس وما تفعله الآن مع السيسي وحفتر وأمريكا إلا في سياق صناعة المصالح وحمايتها؟! ومع ذلك ؛ فهل على حماس أن تنتظر إيران إلى ما لا نهاية بعد أن انحرفت هذه – إيران - عن مبادئها وعن قيم الثورة الإسلامية المعلنة وتخلت عن المقاومة التي ظلت في العام الماضي لواحد وخمسين يوما في الطاحون الصهيوني دون أن تنبس إيران وحلفاؤها ببنت شفة ردا عنها أو تسلية لها.. بل وزادت إيران الطين بلة عندما راحت تمعن في الإيذاء وتحاول إنشاء تنظيم مذهبي طائفي لها في غزة!! وعليه فعندما تشعل إيران حربا طائفية عدوانية على الأمة، وعندما تتعاون مع أمريكا، وعندما يصير الدعم الذي تقدمه لحماس ثمنا لتقبل هذه المتغيرات ولتقبل تهرؤها وطائفيتها وعدوانها على الأمة ؛ فإن العلاقة مع إيران تصير حينئذ إثما وفسادا وخرابا، وتصير المساعدات التي تتلقاها – إن تلقتها – ليست لحماس الثورة ولا لحماس الاحترام المتبادل ولا لحماس المصالح العامة المتقابلة، ولا مناصرة للقضية الفلسطينية، وإنما ثمناً للعبودية وبيع النفس والمواقف وغرقا في التحزب لإيران فتكذب كذبها وتظلم ظلمها وهو ما لا يمكن أن تفعله حماس دينيا وأخلاقيا وفكرا وقومية.. آخر القول: بقي أن نقول.. حماس لا تزال على عهدها وفاء لأمتها وقضيتها فإن تغيرت المواقع فما ذلك إلا استجابة لمتغيرات اتخذها الآخرون.. وبالمختصر حماس على مبادئها ولكن إيران هي التي تغيرت وغيرت وبدلت.