14 سبتمبر 2025

تسجيل

نحو إستراتيجية متكاملة لفضح الإرهاب الصهيوني

31 يوليو 2014

أن يُغَنِّيَ (الإسرائيليون) في تل أبيب وفي مظاهرة عامة في الشوارع الرئيسة، مرددين أن "لا دراسة في غزة لأنه لم يبق فيها أطفال" وأن يأتي ذلك احتفاء بما يقوم به جيش (إسرائيل) من استهداف المدنيين والمساجد والمدارس والبيوت في تجسيد عملي لكل صورة وجوهر الإرهاب والدموية الإجرامية، وأن يصرح "أيالون" قائد هذا الجيش الإرهابي بأن قادة حماس سيفاجأون من حجم الدمار بعد أن تتوقف المدافع.. فإن هذا وما سبقه عبر عشرات السنين ليعني بشكل مباشر وصريح أن استهداف المدنيين بمنطق التطهير العرقي والشامل الماحي هو إستراتيجية مخططة ومعدة ومقصودة، وليس عن أخطاء في تقنية التصويب، ولا لأن المقاومة تتحصن بالمدنيين كما يروج إعلامهم وإعلام "عبد الله بن سلول". جدير التنويه هنا إلى أن هذا المنطق الدموي ليس طارئا على ثقافتهم الدينية والفكرية، ولا هو اتجاه ناشز لقائد أو مفكر استثنائي أو في فترة ما، ولكنه ثقافة عامة يتوارثها الأبناء عن الآباء ثم عن الأجداد وصولا في العلو إلى آبائهم الذين قتلوا في يوم واحد 300 نبي من أنبيائهم وقعدوا في نهاية اليوم يشربون الخمر ويمارسون الرذيلة، ونزولا إلى أطفالهم الذين تسجل كاميرات وتقارير الصحافة العالمية كيف يمارسون الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين ومساجدهم وممتلكاتهم في حماية الجيش الصهيوني والمستوطنين. المستغرب أو بالأحرى المستهجن هو أننا ورغم عشرات السنين من مصادمة هذا العدو ومعرفة قيمه الإرهابية وجرائمه ورغم كثرة الشواهد والعناوين والمساحات الإعلامية الواسعة والمتعددة جدا التي يمكن التحرك من خلالها وفيها فلا نزال ليست لدينا إستراتيجية متكاملة بحثية وإعلامية وسياسية ودبلوماسية، ولم نبذل جهودا واضحة لفضح هذا الإرهاب محليا وعالميا وتعميم ثقافة نقده والتحذير منه، ولم نتوجه للعالم الذي يرعى هذا الاحتلال ويتضامن معه بهذا الخطاب الإعلامي، أو للتوعية بمخاطر التطبيع والتعايش وتبادل المصالح الذي لا تزال تحاوله وتحرص عليه بعض نظمنا. أليس عجيبا ألا نرى حتى الآن برامج تسلط الضوء على هذه الثقافة الأسطورية الإرهابية المؤسسة لهذا الكيان؟ وما الذي يجعل إعلاميين "كتوفيق عكاشة وعمرو أديب وأماني الخياط.. وسواهم من جوقة الانقلاب" يتجرأون على المجاهرة بتأييد العدوان على غزة لولا ضحالة وضآلة فكرهم ووعيهم وفكر ووعي الذين يخاطبونهم؟ لماذا لا تعرف شعوبنا ماهية عقدة "شعب الله المختار" ومخرجاتها التي تتأسس عليها عقلية أطفال اليهود؟ لماذا تمر دون مجهرة واهتمام منهجي وتوظيف إعلامي تصريحات زعيم الكيان الروحي - الهالك - (عوفاديا يوسف) التي وصف فيها العرب ذات مرة بأنهم "صراصير وحمير وجرذان" وأنهم "جاءوا من اللعنة"؟ ولماذا تنسى مجازر قبيا ودير ياسين ثم صبرا وشاتيلا ومئات المجازر والتهجيرات المستهدفة بين هذه وتلك دون أن يطلع عليها أو يستعيد تذكرها أصدقاؤنا في العالم؟ لماذا لا يصير ذلك حديث الإعلام وحديث الإسلاميين والعلمانيين وأحرار العالم؟ أليس هذا الإرهاب وأفكاره التلمودية والتوراتية يطال الجميع، من عرب وعجم وبربر وشرق وغرب؟ وهو – بالمناسبة - لا يستثني فئة العرب المتصهينة الذين ترفرف أعلام كيان العدو على عواصمهم، والذين تقول تسريبات صحفية "إن ثلاث دول منهم تشارك في جهود العدوان على غزة بالمال والرجال". أليس غريبا ومستهجنا أن تظل منظمات الأمم المتحدة المعنية بالقيم التربوية والثقافية والتعليمية (اليونيسيف للطفولة، واليونيسكو للتعليم) – على الأقل - غافلة أو متجاهلة كل هذا النتن الفكري والخمج النفسي والبؤس العنصري الذي تزرعه في عقول وضمائر أطفال وشبان العدو مناهج التربية والتعليم في كل يوم ومع كل حصة مدرسية؟ لماذا لا يستفاد في ذلك وبشكل منهجي وتقني ونوعي من الدراسات الكثيرة والموضوعية التي ترصد المناهج الدراسية والبرامج التوجيهية وتؤكد على أنها تعزز عقد الحقد والكراهية والاستعلاء الموهوم، وتبني قيم العدوان والقتل واتجاهات الغدر والتمرد والتطهير العرقي والتجارة بالأعضاء البشرية، وتشوه معاني الإنسانية وتكسر قيم الحرية والعدل والأمن؟ ومن خلال الضغط الإعلامي المؤسس للضغط الدبلوماسي؛ كيف يسمح للأمم المتحدة بعدم متابعة سلوك كيان ظل مدموغا بالقرار الأممي لخمس عشرة سنة (القرار رقم - 3379 - الذي ينص على أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وأن على دول العالم مقاومة الأيدولوجية الصهيونية التي - حسب القرار - تشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين)؟ آخر القول: أعتقد أن العدوان الصهيوني على غزة قد أتاح الفرصة لإطلاق حملة جادة ومنهجية وواسعة ومتكاملة لتعرية عنصرية وإرهاب ودموية الكيان الصهيوني، مشفوعة بالأحداث والصور وسلوكيات وثقافة هذا المجتمع المريض نفسيا وغير الراشد إستراتيجيا ثم بالدراسات الراصدة والتجسيدات الشائهة لكل ذلك.