10 سبتمبر 2025

تسجيل

فقه الصيام من (4)

31 مايو 2017

هناك مسائل مهمة يَجدر التنبيه إليها وبيانها: المسألة الأولى: أن مَن أفطَر في رمضان لعُذرٍ، ثم مات قبل أن يتمكَّن من القضاء، فلا قضاء عليه ولا كفَّارة؛ لأنه لَم يصدر منه تفريطٌ، كما لو مَرِض في رمضان وأفطَر، ثم استمرَّ به المرض حتى توفِّي من مرضِه، أمَّا مَن تمكَّن من القضاء ولَم يقضِ، فيُسَن لوَلِيِّه أو أحد أقاربه أن يصوم عنه؛ لَمَا ثبَت في الصحيحين عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن مات وعليه صيام، صام عنه وَلِيُّه))، وهذا عام في كل صيام واجب؛ سواء كان نذْرًا أو فرْضًا، على الصحيح من كلام العلماء.والمسألة الثانية: لو دخَل وقت الفجر والمسلم على جَنابة، فإنَّ صومه صحيح، وليس من شرط الصيام الطهارة من الحَدَث الأكبر أو الأصغر، ولكن تجبُ المبادَرَة إلى الاغتسال؛ ليصلي الفجر مع جماعة المسلمين في المسجد.والمسألة الثالثة: مَن فعَل شيئًا من المفطرات ناسيًا أو مكرهًا، أو جاهلاً بالحُكم أو بالوقت، فلا شيء عليه؛ لعموم قوله - تعالى -: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286].ولَمَا ثبَت في الصحيحين عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن نَسِي وهو صائم، فأكَل أو شرِبَ، فليتمَّ صومَه؛ فإنما أطعمَه الله وسقاه)).أما الجهل بالوقت، فمثاله: أن يأكل وهو يظنُّ أن الشمس قد غربتْ، وحلَّ الفِطر، ثم يتبيَّن له أنَّ الوقت ما زال نهارًا، فلا شيء على هذا؛ لَما روى البخاري عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - أنهم أفطروا على عهْد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم غَيْمٍ، ثم طلعت الشمس، ولَم تذكُر القضاء، ولكن يجب التثبُّت والاحتياط في غروب الشمس؛ لأن الأصل بقاء النهار، أمَّا لو أفْطَر لمجرَّد الشك في غروب الشمس، ولَم يتبيَّن ذلك بشيء من العلامات المعروفة، ثم تبيَّن أنَّ الوقت ما زال نهارًا، فيجب عليه القضاء؛ لأنه مُفرِّط؛ إذ لا يُسَوغ للصائم أن يُفْطِر؛ حتى يتأكَّد من انتهاء وقت الصيام، أو يغلب على ظنِّه ذلك، فمَن الخطأ مثلاً الفطر بمجرد إخبار صبي صغير دون تأكُّدٍ من الوقت، وكان شيخنا الألباني - رحمه الله - يجلس في شُرْفة منزله المطِلَّة في "عمان"، فإن تبيَّن له غروب الشمس من مغربها، وإقبال الليل من جهة المشرق، بادَرَ بالإفطار؛ تطبيقًا للسُّنة في تعجيل الفطر؛ إذ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر))؛ متفق عليه.والسُّنة الإفطار على تمرات، ويَجعلهنَّ وِتْرًا، فإن لَم يجد أفطَر على الماء، وكان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا أفطَر قال: ((ذهَب الظمأ وابتلَّت العروق، وثبَتَ الأجر - إن شاء الله))؛ رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني.