17 سبتمبر 2025

تسجيل

حكمة الصوم والمفاهيم المغلوطة

31 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حالة استنفار قصوى أخذت ملامحها تظهر للعيان، بالاستعدادات الشاملة لإطلالة شهر رمضان الفضيل، في المؤسسات والأسواق التجارية والمولات، على صعيد التموين وتوفير السلع الغذائية، وكذلك فيما يتعلق بالأزمات المتوقعة نتيجة كثرة الطلب على بعض المواد التموينية الأساسية، وهناك استعدادات مسبقة تجري على قدم وساق من أجل مضاعفة كميات اللحوم المستوردة والذبائح، ومضاعفة الجهد فيما يتعلق بتوفير لحوم الدجاج، بالإضافة إلى الأرز والحلويات والقطايف والجوز واللوز والعصائر المختلفة والفواكه. هذه الاستعدادات لم تقتصر على مؤسسات الدولة المختصّة والمعنية بهذا الشأن، فهناك جهود مطلوبة أيضا من إدارة المرور للاستعداد لتنظيم حركة السير وتفادي الأزمات والاختناقات المرورية، من أجل التخفيف من حوادث السير التي يزداد معدل حدوثها في هذا الشهر الفضيل.وهناك ظواهر سلبية تتعلق بمفاهيم بعض العائلات بمعنى وحكمة الصوم التي يمكن تلخيصها ببعض العبارات المختصرة التي تفي بالغرض، إذ أن الصوم يتمثّل بالامتناع ومفارقة كل الشهوات التي اعتاد الناس على ممارستها، من طعام وشراب وغيرها، من أجل رفع مستوى السمو الروحاني لدى المسلم، ومغادرة المربع الحيواني بشيء من التوازن المدروس القائم على حسن التعامل مع مقومات الجسد وممارسة الحياة.لكن إذا كان الأمر معكوساً، بحيث أن مصاريف العائلة تتضاعف في شهر رمضان، وتصبح عبئا إضافيا على موازنتها، كما يزداد الإقبال على الأسواق والمجمّعات التجارية، ومضاعفة الطلب على كل المأكولات والمشروبات والحلويات وغير ذلك، فهذا أمر مخالف لحقيقة الصوم، ومخالف لفلسفته، ومخالف للغاية التي أرادها الله سبحانه وتعالى من الحكم المقصودة من هذه العبادة الجليلة.الصوم يعلمنا أن بإمكان الإنسان تقليل الإنفاق على الأكل والشرب وضبطه، وتعويد النفس على بعض مظاهر التقشف ومحاولة التعايش مع الجوع وضبط النفس التواقة للشهوة، حيث يتبين بشكل عملي أنه يملك القدرة على تقليل الإنفاق وترشيد أمور الصرف المالي، يجعلنا نشعر بمعاناة المشردين واللاجئين من الذين يعيشون ظروفاً صعبة. دعونا نقف على حقيقة أخرى تتعارض مع حكمة وفلسفة، تتعلّق بالعمل خلال شهر رمضان المبارك، وطريقة عمل المؤسسات الخاصّة، والدوائر الرسمية، فكثيراً ما نسمع عن عبارة ضرورة الإسراع في إنجاز بعض الأعمال قبل مجيء رمضان، بحيث أصبح هناك شعور طاغٍ بأن الأعمال سوف تتعطل في شهر الصيام، أو سوف تنخفض معدلات الإنجاز والأنتاج وساعات العمل.في الحقيقة، لا بد من معالجة هذه الظاهرة التي بدأت تترسخ لدينا، وغدونا نتكيف مع معطياتها بشكل جمعي وبطريقة الإذعان الذي يخلو من فهم الصيام ومقاصده الحقيقية.أما الأمر الآخر والأكثر أهمية، فهو يتعلق بمسألة الأخلاق والتعامل والممارسة العملية التي يجب أن يرتفع بها المسلم الصائم إلى أخلاق رمضان التي تتمثل بالصبر والحكمة والتسامح والعفو، والبعد عن رذائل اللسان، لأن الخوف كل الخوف أن الناس يزداد لديهم منسوب الغضب، وتزداد سمة العصبية والعدوانية لديهم التي تتضّح لدى قائدي السيارات، وفي التنافس على المحلات وعمليات البيع والشراء.ولذلك يتوجب على الوعاظ والمرشدين وأهل العلم، وأصحاب الرأي، وأولي الأمر، وعلى الآباء وربات البيوت، أن يشرعوا بشرح مفهوم الصوم، والوقوف على غاياته الحقيقية، حتى لا نحوّل رمضان إلى شهر المآدب والولائم، والسهر على الأفلام والمسلسلات المليئه بمشاهد الفجر والفسوق التي يتم إنتاجها خصيصاً وعرضها في شهر رمضان لإلهاء المسلمين عن كسب الأجر والثواب، وليعلم العباد وليتذكر أولو العقل والبصيرة أنهم سوف يسألون ...والى الثلاثاء المقبل.