13 سبتمبر 2025
تسجيلقلت لصاحبي المتخصص في علم السياسة: هلا حدثتنا في تدويل ظواهر الإرهاب، وجزاك الله خيراً. قال صاحبي: حبا وكرامة.إن محاولات تدويل ظواهر الإرهاب وعولمته، وزراعته على ظهر الأرض لإعلان حرب عالمية جديدة، والخروج به عن أسبابه ليشكل مسوغ تدخل وإعادة استعمار للعالم بشكل عام والعالم الإسلامي بشكل خاص، بشعارات جديدة، لذلك فالمواجهة حالة مستمرة، والجهاد ماضٍ، والإسلام هو الدرع الواقية للأمة من الذوبان، والقوة الدافعة للتحرر، فالثورات والحركات والمقاومات كانت جميعها تحتمي بالإسلام، وتنطلق منه، وكان الجهاد هو إكسير الحياة الممتد الذي يهب الأمة الحياة، ضمن ولا يزال يضمن لها الاستمرار ويحقق لها الصمود، ويمدها بالطاقات الهائلة في المواجهة والدفاع، كما يمدها بالمشروعية والدافعية للاستشهاد.فالجهاد هو الطاقة الهائلة في المواجهة والدفاع التي حالت دون استقرار الاستعمار بالعالم الإسلامي، لذلك كان أول ما توجه إليه وركز عليه الاستعمار والهيمنة من جديد هو تشويه مفهوم الجهاد في محاولة لاغتيال وتشويه ثقافة الأمة، وإطفاء فاعليتها، ومن ثم تدجينها والسيطرة عليها، أو احتواؤها على أقل تقدير، وإيجاد طابور خامس من المثقفين، الذين يمارسون العمالة الثقافية في بلاد المسلمين، ويشكلون سوقا رائجة للعمالة السياسية، ولا يعدم الأمر وجود بعض المستشارين وأصدقاء الرخاء الذين يجهزون الفتاوى اللازمة ويمارسون بذلك التدليس والتضليل والترويض المطلوب.. كما لا يعدم وجود بعض الفهوم المعوجة والتفسيرات الخاطئة لقيم الدين، التي قد تقود أصحابها لممارسات شاذة لشد أزر يد العدو وتوجد له المسوغ.. لكن الثابت تاريخيا أن هذا الدين ينفي عنه الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد.والحقيقة أن تاريخ الاستعمار بأشكاله المختلفة من انتداب إلى نظام الوصاية، حيث العالم الإسلامي دون سن الرشد وهو بحاجة إلى الأوصياء وانتداب الراشدين ليدبروا شأنه، إلى الاحتلال إلى الاستعمار الاستيطاني، كان السبب الرئيسي وراء تخلف العالم الإسلامي واضطرابه وتفرقه إلى فرق ومذاهب وشيع وطوائف غذاها المستعمر لتصبح ألغاماً موقوتة قابلة للانفجار في كل حين يريده من يمسكون بالفتيل؛ فقابلية العنف والتطرف والحروب الطائفية والمذهبية والعرقية والتعصبية في أساسها إنما تعتبر من زراعة المستعمر وصناعته وتجارته، حتى لقد وصل الأمر إلى أخطر درجات الاحتواء والاختراق، ذلك بامتلاك القدرة على توظيف الجهاد والمقاومة والاستعداد للتضحية لتصبح محلا لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية بدماء المجاهدين المسلمين، لكن بعد استيفاء الغرض وتحقيق الهدف بتحول الجهاد والمجاهدين ليصبحوا متطرفين متشددين خطرين على العالم كله(!) هذا عدا الجهود الثقافية والسياسية والإعلامية والاقتصادية لتشويه معنى الجهاد ودمغه بالتطرف والإرهاب والعنف، والتخويف من مجرد طرحه.ولم يقتصر الأمر على مطاردة المجاهدين والمقاومين على المستوى العالمي، والإغراء بهم، ووصمهم بأبشع النعوت، ورسم صورة مشوهة لفعلهم، والتشكيك بنواياهم، ولا ننكر هنا بأن أعداء الجهاد استطاعوا أن يخترقوا دفاعات المسلمين، ويصنعوا بداخلها الكثير من الصور المشوهة والممارسات غير المشروعة، ليكون ذلك مسوغا لهجمتهم، نقول: لم يقتصر الأمر على مطاردة المجاهدين أينما كانوا، وتشويه صورتهم، وإعلان الحرب عليهم، وإنما تجاوز الأمر، تحت مسمى محاربة الإرهاب، إلى التعدي على مناهج التعليم والتربية والإعلام ومؤسسات العمل الخيري بدعوى تجفيف منابع العنف والتطرف والإرهاب، وكان في مقدمة ذلك محاولة اقتلاع قيم الجهاد، وإسقاط آياته وأحاديثه وبحوثه ودروسه وكل ما يتصل به على مستوى التعليم والإعلام والثقافة، والامتداد بعد ذلك إلى مؤسسات العمل الخيري، واتهامها كلها بتغذية الإرهاب والتطرف ومحاصرة رسالتها، ومطاردة القائمين عليها.